استيلاء طغرلبك على خراسان
كان طغرلبك و أخواه بيقو و حقربيك، و اسمطغرلبك محمد، و لما أسر السلطان محمودأرسلان بن سلجوق و حبسه كما مرّ و أجازأحياء من الغزّ إلى خراسان فكان منأخبارهم ما قدّمناه، و أقام طغرلبك وإخوته في أحيائهم بنواحي بخارى. ثم حدثتالفتنة بينهم و بين علي تكين صاحب بخارى، وكانت بينهم حروب و وقائع، و أوقعوابعساكره مرارا فجمع أهل البلاد عليهم، وأوقع بهم و استلحمهم و استباحهم، فانحازواإلى خراسان سنة ست و عشرين و أربعمائة، واستخدموا لصاحب خوارزم و هو هارون بنالتوتناش. و غدر بهم، فساروا عنه إلى مفازةنسا، ثم قصدوا مرو و طلبوا الأمان منالسلطان مسعود على أن يضمنهم أمانالسابلة، فقبض على الرسل و لم يجبهم على ماسألوا. و بعث العساكر فأوقعوا بهم على نسا،ثم طار شررهم في البلاد و عمّ ضررهم. و سارالسلطان ألب أرسلان إلى نيسابور ففارقهاأبو سهل الحمدونيّ فيمن معه، و استولىعليها داود. و جاء أخوه طغرلبك على أثره ولقيهم رسل الخليفة إليهم و إلى العراقيةالذين قتلهم بالريّ و همذان، يعنّفهم وينهاهم عن الفساد و يطمعهم، فتلقوا الرسلبالإعظام و التكرمة. ثم امتدّت عين داودإلى نهب نيسابور فمنعه طغرلبك، و عرض لهبشهر رمضان، و وصية الخليفة، فلجّ فقويطغرلبك في المنع و قال: و الله لئن نهبتلأقتلنّ نفسي، فكفّ داود عن ذلك. و قسّطواعلى أهلأبي سهل الحمدونيّ بأصبهان يطلبونالميرة، فوضع عليهم علاء الدولة من أطمعهمفي الامتيار من النواحي القريبة منه،فساروا إليها و لا يعلمون قربه منهم، فلماأتاه خبرهم خرج إليهم و أوقع بهم و غنم مامعهم».