غزوة شهاب الدين الى الهند و هزيمةالمسلمين بعد الفتح ثم غزوته الثانية وهزيمة الهنود و قتل ملكهم و فتح اجمير
كان شهاب الدين قد سار سنة ثلاث و ثمانين وخمسمائة الى الهند، و قصد بلاد أجمير وتعرف بولاية السواك، و اسم ملكهم كوكه،فملك عليهم مدينة تبرندة و مدينة أسرستي وكوه رام، فامتعض الملك و سار للقاءالمسلمين و معه أربعة عشر فيلا و لقيهمشهاب الدين في عساكر المسلمين، فانهزمتميمنته و ميسرته، و حمل على الفيلة فطعنمنها واحدا، و رمي بحربة في ساعده فسقط عنفرسه. و قاتل أصحابه عليه فخلصوه وانهزموا، و وقف الهنود بمكانهم و لما أبعدشهاب الدين عن المعركة نزف من جرحه الدمفأصابه الغشي، و حمله القوم على أكتافهمفي محفّة اتخذوها من اللبود و وصلوا به إلىلهاور. ثم سار منها إلى غزنة فأقام إلى سنةثمان و ثمانين و خمسمائة و خرج من غزنةغازيا لطلب الثأر من ملك الهند، و وصل إلىبرساور (1) و كان وجوه عسكره في سخطة منه منذانهزموا عنه في النوبة الأولى، فحضرواعنده و اعتذروا و وعدوا من أنفسهم الثبات،و تضرّعوا في الصفح فقبل منهم، و صفح عنهم،و سار حتى انتهى إلى موضع المصاف الأوّل وتجاوزه بأربع مراحل، و فتح في طريقه بلادا. و جمع ملك الهند و سار للقائه فكرّ راجعاالى أن قارب بلاد الإسلام بثلاث مراحل، ولحقه الهنود قريبا من بربر (2) فبعث شهابالدين سبعين ألفا من عسكره لياتوا العدوّمن ورائهم، و واعدهم هو الصباح، و أسرى هوليلة فصابحهم فذهلوا، و ركب الملك فرسهللهروب فتمسّك به أصحابه، فركب الفيل واستماتت قومه عنده، و كثر فيهم القتل، وخلص إليه المسلمون فأخذوه أسيرا، و أحضروهعند شهاب الدين فوقف بين يديه و جذبوابلحيته حتى قبّل الأرض. ثم أمر به فقتل و لمينج من الهنود إلا الأقل. و غنم المسلمونجميع ما معهم و كان في جملة الغنائمالفيول. ثم سار شهاب الدين إلى حصنهمالأعظم و هو أجمير ففتحه عنوة، و ملك جميعالبلاد التي(1) برشاوور: ابن الأثير ج 12 ص 91 (2) مرنده: ابن الأثير ج 12 ص 92