وحكي عن ابن سيرين رحمه الله أنه قال:الأذان مفارقة شريك، لقوله تعالى: "وَأذَانٌ مِنَ الله وَرَسُولِهِ إلىَالنّاس يَوْمَ الحَجِّ الأكْبَر". الايةفإن أذن في قافلة فإنه يسرق، لقوله تعالى: "أيَّتُهَا العِيرُ إنّكُمْ لَسَارِقون".والأذان في البرية أو المعسكر يكونجاسوساً للصوص ومن كان محبوساً فرأى كأنّهيقيم أو يصلي قائماً، فإنّه يطلق. لقولهتعالى: " فَإنْ تَابُوا وَأَقَامُواالصلاة". ومن رأى غير محبوس أنه يقيم إقامةالصلاة، فإنّه يقوم له رفيع يحسن الثناءعليه فيه. ومن رأى كأنّه أقام على باب دارهفوق سرير، فإنّه يموت. ومن رأى كأنّه يؤذنعلى سبيل اللهو واللعب، سلت عقله، لقولهتعالى: " وَإذَا نَادَيْتُمْ إلىَالصَّلاة اتّخذُوهَا هُزْواً وَلَعِبَاًذَلِكَ بأنّهمْ قَوْئم لا يَعْقِلُونَ".
وحكي عن دانيال الصغير أنه قال: من رأىكأنّه أذن وأقام وصلى، فقد تم عمله، وهودليل الموت. ومن سمع أذاناً في السوق،فإنّه موت رجل من أهل تلك السوق. ومن سمعأذاناً يكرهه، فإنه ينادي عليه في مكروه.
قال الأستاذ أبو سعد: الأصل في هذا الباب،أنّ الأذان إذا رآه من هو أهل كان محموداًإذا أذن في موضعه. وإذا رآه من ليس بأهل، أورآه في غير موضعه، كان مكروهاً. فإن أذن فيمزبلة فإنّه يدعو أحمق إلِى الصلح ولايقبل منه، وإن أذن في بيت فإنّه يدعو امرآةإلى الصلح، فإن أذن مضطراً فإنّه يغشىامرأة.
وحكي أنّ رجلاً أتى ابن سيرين، فقال رأيتكأنّي أؤذن، فقال تحج. وأتاه آخر فقال رأيتكأنّي أؤذن فقال تقطع يدك، قيل له كيف فرقتبينهما؟ قال رأيت للأول سيماً حسنة،فأولت" وأذن في الناس بالحج". ورأيت للثانيسيماً غير صالحة فأولت"فأذن مؤذن أيتهاالعير إنكم لسارقون".
الباب العاشر
في تأويل رؤيا الصلاة وأركانها
قال الأستاذ أبو سعد رحمه اللهّ: الأصل فيرؤيا الصلاة في المنام أنّها محمودة ديناًودنيا، وتدل على إدراك ولاية ونيل رسالة،أو قضاء دين، أو اداء أمانة أو إقامة فريضةمن فرائض الله تعالى. ثم هي على ثلاثةأضرب، فريضه وسنة وتطوع، فالفريضة منهاتدل على ما قلنا، وأنّ صاحبها يرزق الحجويجتلب الفواحش، لقوله تعالى: " إنالصَلاَةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِوَالمُنْكَرِ".
والسنّة تدل على طهارة صاحبها وصبره علىالمكاره، وظهور اسم حسن له، لقوله تعالى:"لَقَدْ كَانَ لَكُمْ في رَسُول اللهأُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ". وشفقة على خلق اللهتعالى، وعلى أنّه يكرم عياله ومن تحت يده،ويحسن إليهم، فوق ما يلزمه ويجب عليه فيالطعام والكسوة، ويسعى في أمور أصدقائهفيورثه ذلك عزاً. والتطوع يقتضي كمالالمروءة وزوال الهموم.
فإن رأى كأنّه يصلي فريضة الظهر في يومصحو، فإنّه يتوسط في أمر يورثه ذلك عزاًحسب صفاء ذلك اليوم، فإن كان يوم غميم،فإنّه يتضمن حمل غموم. فإن رأى أنّه يصليالعصر، فإنّه يدل على أنّ العمل الذيهوفيه لم يبق منه إلا أقله.
فإن رأى أنّه يصلي الظهر في وقت العصر،فإنّه يقضي دينه. فإن رأى إحدى الصلاتينانقطعت عليه، فإنّه يقضي نصف الدين أو نصفالمهر، لقوله تعالى: " فَنِصْفُ مَافَرَضْتُم".
فإن رأى كأنّه يصلي فريضة المغرب، فإنّهيقوم بما يلزمه من أمر عياله، فإن رأى أنّهيصلي العتمة، فإنّه يعامل عياله بما يفرحٍبه قلوبهم وتسكن إليه نفوسهم، فإن رأىكأنّه يصلي فريضة الفجر، فإنّه يبتدىءأمراً يرجع إلى إصلاح معاشه ومعاش عياله.فإن رأى كأنّه يصلي الظهر أو العصر أوالعتمة ركعتينِ، فإنه يسافر. فإن رأتمثلها امرأة، حاضت من يومها. فإن رأى كأنهيصلي قاعداَ من غير عذر، لم يقبل عمله. فإنرأى كأنّه يصلي على جنبه مرض.
فإن رأى كأنّه يصلي راكباً أصابه خوفشديد، فإن رأى كأنّ الإمام يصلي بالناسوهو راكب وهم ركبان، فإن كانوا في حربرزقوا الظفر. فإن رأى كأنّه يصلي في بستان،فإنّه يستغفر اللهّ، فإن رأى كأنّه صلى فيأرض مزروعة قضى الله دينه منها.