وأما مضغ العلك: فمن رأى أنّه يمضغه فإنّهينال مالاً في منازعة. وقيل إنّ مضغ العلكإتيان فاحشة، لأنّه من عمل قوم لوط.
وأما من رأى أنّه طبخ بالنار شيئاً ونضج،فإنّ لم ينضج لم ينل مراده. ولو رأى أنّهيأكل اللبان، فإنَّ اللبان بمنزلة بعضالأدوية. ولو يرى أنّه يمضغ اللبان والعلكفإنّه يصير إلى أمر يكثر فيه الكلاموترداده، مثل منازعة أو شكوى أو ما يشبهذلك.
وكل ما يمضغ من غير أكل، فإنّه يزدادالكلام بقدر ذلك المضغ، وكذلك قصب السكر،إلا أنّه كلام يستحلى ترداده. فإن رأى أنّهيأكل من رؤوس الناس أو يطعمها غيره أو ينالمنها شعراً أو عظاماً، فإنّه يصيب مالاًمن رؤساء الناس وعظمائهم. فإن أكل منأدمغتهم، فإنّه يصيب من ذخائر أموالهم.وكذلك رؤوس البهائم والسباع، إلا أنّهادون رؤوس الناس في الشرف.
فإن رأى رؤوس الناس مقطوعة في بلدة أومحلة أو بيت أو على باب دار، فإن رؤوسالناس يأتون ذلك الموضع ويجتمعون فيه.وقيل من رأى أنّه يأكل لحم نفسه أصاب مالاًوسلطاناً عظيماً. فإن رأى أنّه يأكل لحممصلوب أو لحم أبرص أو لحم مجذوم، فإنّهيصيب مالاً عظيماً حراماً. فإن رأى أنّهعانق رجلاً ميتاً أو حياً، فإنّه تطولحياته، وكذلك المصافحة. ومن رأى أنّه يأكلمن لحم نفسه أو لحم غيره وكان لم يأكل أثرظاهر، أكل من ماله أو من مال غيره. فإن لميكن له أثراً، اغتاب إنساناً من أهل بيتهأو غيرهم. ومن أكل لحم المصلوب، أكل مالاًحراماً من رجل رفيع القدر إذا كان لما يأكلإثر.
الباب الثاني والخمسون
في ذكر أنواع من البلايا
من اليأس واليتم والوجع والكد والفزعوالعثور والعبوس والعري والعزل والصدوالسرقة والسفه والذلة والخسران والخيانةوالحبس والحمل الثقيل والبؤس والطغيانوالضلالة أما اليأس من الأمر: فدليل الفرجوالنجاة لقوله تعالى: " فَلَمّااسْتَيْأسُوَا مِنْهُ خَلِصُوا نَجِيا".وقوله تعالى: " حَتّى إذَا اسْتَيْأَسَالرُّسُلُ وَظَنّوا أنَّهمْ قَدْ كذبواجَاءَهُمْ نَصْرُنَا".
وأما اليتيم: فمن رأى كأنّه يتيم، فإنَّغيره يلعب في أمره امرأة أو مالى أو تجارةوما أشبه ذلك.
والوجع: ندامة من ذنب، وقيل إنَّ من رأىأنّه مستريح فإنّه يكد.
والكد: را حة.
والفزع: يدل على اكتساب مظالم وارتكابمآثم. ومن رأى أنّه مات من الفزع ماتفقيراً، والمظالم باقية في ذمته.
والعزل: عهد، كما أنّ العهد عزل. وقد قيلأنّه يدل على طلاق المرأة.
وعبوس الوجه: يدل على بنت، لقوله تعالى: "وإذَا بُشِّرَ أحَدُهُمْ بالأنْثَى ظَلَّوَجْهُهُ مُسْوَدّأً وَهُوَ كَظِيمْ".
وأما العثور: فمن رأى كأن إبهام رجله عثرتفي الأرض. اجتمع عليه دين فإن خرج منها دم،نابتة، نائبة. وقيل أنّه يصيب مالاً حرامأ.
وأما العري: فمن رأى أنّه نزع ثيابه، ظهرله عدو مكاتم غيو مجاهر بالعداوة، بل يظهرالمودة والنصيحة. قال الله تعالى: " يا بَنيآدَم لا يفتنكم الشّيْطَانُ كَمَا أخْرَحأبَوْيْكُمْ مِنَ الجَنّةِ يَنْزعُعَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا". فإن رأى كأنّهعريان في محفل، فإنه يفتضح. وإن كانعرياناً في موضع وحده، فإنَّ عدوه يطلبعثراته فلا يجد مراده من هتك ستره.
والطرد: غير محمود في التأويل، فمن رأىأنّه طرد أحداً من أهل إلمفضل أو هول أوصاح عليه، فإنّه يقع في أمر هائل ويغلبهعدوه.
وأما السرقة: فإن السارق المجهول ملكالموت، والسارق المعروف يستفيد منالمسروق منه علماً أو موعظة أو منفعة، فإنرأى كأن سارقاً مجهولاً دخل بيته وسرقطسته أو ملحفته أو قمقمته، ماتت امرأته،وسرقة الدار أيمة تتزوج.
والسفه: الجهل. فمن رأى أنّه سفه جهل،لقوله تعالى: " فإنْ كَان الذِي عَلَيْهِالحَقّ سفيهَاً". قالوا جاهلاً.
وأما الذلة: فنصرة في التأويل.
والخسران: الذنب.
والخيانهّ: الزنا.