والركض: على الدابة أو على الرجلين دالعلى سرعة ما يطلبه، وعلى النجاة والأمنممن يخافه، لقول موسى، كما أخبر عنه تعالىفي القرآن: "فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لمّاخِفْتُكُمْ" إلا أن يكون هربه من اللهتعالى أو من ملك الموت فإنه مدرك هالك،وبلوغ الغايات والمنى والكمال، دال علىالنقص والزوال.
ومن طار عرضاً في السماء، دل على أنّهيسافر سفراً أو ينال شرفاً. ومن وثب منموضع إلى موضع، تحول من حال إلى حالة.والوثب البعيد سفر طويل فإن اعتمد في وثبهعلى عصا، اعتمد على رجل قوي منيع.
الباب السادس والخمسون
في أنواع المعاملات الجارية بين الناس
كالبيع والرهن والإجارة والشركةوالوديعة والعارية والقرض والضمانوالكفالة وقضاء الدين وأداء الحقوالإمهال
البيع: يختلف في التأويل بحسب اختلافالمبيع. ومن رأى كأنّه يباع أو ينادى عليه،فإنّه إن كان مشتريه رجلاً ناله هم، وإناشترته امرأة أصاب سلطاناً أو عزاًوكرامة. وكلما كان ثمنه أكثر كان أكرم.وإنّما قلنا إن البيع في الرؤيا يقتضيإكرام المبيع لقوله تعالى في قصة يوسفعليه السلام: " وَقَالَ الذِي اشْتَرَاهُمِنْ مِصْرِ لامْرَأتِهِ أكْرِميمَثْواه". وكل ما كان شراً للبائع، كانخيراً للمبتاع. وما كان خيراَ للبائع، فهوشر للمبتاع. وقيل إن البيع زوال ملك،والبائع مشتري، والمشتري بائع. والبيعإثارة على المبيع، فإن باع ما يدل علىالدنيا آثر الآخرة عليها، وإن باع ما يدلعلى الآخرة آثر الدنيا عليها. وإلا استبدلحالاً بحال على قدر المبيع والثمن. وبيعالحرّ ذلته وحسن عاقبته، لقصة يوسف عليهالسلام.
وأما الرهن: فمن رأى كأنّه رهينة في موضع،فإن رؤياه تدل على أنّه قد اكتسب ذنوباًكثيرة، لقوله تعالى: (كلُّ نَفْس بمَاكَسبَتْ رَهِينَة). وقيل إنَّ المرهونمأسور، فإن رأى كأنّه رهن عنده رهن،فَإنّه يظلم في شيء ويبخس حقه، ثم يصلإلى حقه بسبب الراهن الذي رهن عنده الرهن،والمرهون مأسور بذنب أو دين عند المرتهن،وكذلك الراهن حتى يفك رهنه.
وأما الإجارة: فإنَّ المستأجر رجل يخدعصاحب الإجارة ويغره ويحثه على أمر مضطرب،وإذا انخدع له تبرأ منه وتركه في الهلكة.
وأما الشركة: فهي دليل على الإنصاف، فمنرأى كأنّه شارك رجلاً فإنَّ كل واحد منهماينصف صاحبه في أمر يكون بينهما. فإن رأىكأنّه شارك شيخاً مجهولاً فإنّه جده، ويدلعلى أنّه ينال إنصافاً في تلك السنة ممنكانت بينه وبينه معامله. وإن رأى كأنّهشارك شاباً مجهولاً فإنّه يجده من عدوهالإنصاف مع خوفه من بليته وظلمه وأذيته.
وأما الوديعة: فمن رأى كأنّه أودع رجلاًصرة فإنّه سره. وقيل إنَّ المودع غالب،والمودع مغلوب.
وأما العارية: فمن رأى كأنّه استعار شيئاًأو أعاره فإن كان ذلك الشيء محبوباًفإنّه ينال خيراً لا يدوم. فإن كان مكروهاًأصابته كراهية لا تدوم. وذلك أنّ العاريةلا بقاء لها. وقيل من استعار من رجل دابةفإن المعير يحتمل مؤونة المستعير.
وأما القرض: فمن رأى أنّه يقرض الناس لوجهالله تعالى، فإنّه ينفق مالاً في الجهادلقوله تعالى: (إنْ تقْرِضُوا الله).
وأما الضمان: فمن رأى كأنّه ضمن عن إنسانشيئاً لرجل فإنّه يعلمه أدباً من آداب ذلكالرجل.