بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
فهرس المطالب مبحث الضدّ كون مبحث الضد مسألة أُصوليّة تفسير مفردات العنوان الضد الخاصّ التفصيل بين الضد الموجود والمعدوم التلازم بين الضدين الضد العام ثمرة البحث عن الضد الخاص الثمرة في التزاحم بين الواجب الموسّع والمضيق مبحث الترتّب في الأمر بالضدين على نحو الترتّب الملاك في الترتب نظرية الأحكام القانونيّة في التزاحم انتبه رجاءً: لقد قطّعنا البحث الآتي إلى قسمين: التزاحم بين وجوبات الأجزاء والشرائط (1) (2) أمر الآمر مع العلم بانتفاء شرطه تعلّق التكالبف بالطبايع أو الأفراد اقتضاء نسخ الوجوب للجواز وعدمه في الواجب التخييري في التخيير بين الأقل والأكثر الواجب الكفائي والعيني الواجب الموسّع والمضيّق الأمر بالأمر الأمر عقيب الأمر المقصد الثاني: في النواهي مادة النهي وصيغته دلالة النهي على الدوام والتكرار الانحلال في الوضعيات وتخفيف المانع اجتماع الأمر والنهي المراد بالواحد في محلّ النزاع الفرق بين مسألة الاجتماع ومسألة النهي عن العبادة مسألة الاجتماع مسألة أُصوليّة مسألة الإجتماع من المباحث العقلية جريان النزاع في جميع أقسام الأمر والنهي اعتبار قيد المندوحة وعدمها ابتناء المسألة على تعلّق الأحكام بالطبايع اعتبار اشتمال المجمع على الملاكين اعتبار اشتمال متعلّق الحكمين على المناط مطلقاً ثمرة القول بالجواز والامتناع تضاد الأحكام تعيين متعلّقات الأحكام عدم استلزام تعدّد العنوان لتعدّد المعنون عدم ايجاب تعدد العنوان لتعدد الماهية النوعية أدلة القول بالجواز معنى الكراهة في العبادة الدليل الثاني على الجواز القول بالتفصيل بين الجواز عقلاً والامتناع عرفاً الاضطرار إلى ارتكاب الحرام حكم الصلاة حال الخروج الاضطرار إلى الجزء أو الشرط الاضطرار في الوضعيّات الصلاة في الدار المغصوبة الأوّل: ترجيح النهي في المجمع لأقوائيّة دلالة النهي التنبيه الثالث: تعدّد الإضافات اقتضاء النهي للفساد الفرق بين مسألة الاقتضاء ومسألة الاجتماع وجه جعل مسألة الاقتضاء في مباحث الألفاظ جريان النزاع في النهي التنزيهي والغيري أيضاً المراد من العبادة في البحث المراد من المعاملة في البحث معنى الصحة والفساد مقتضى الأصل في مسألة الاقتضاء أقسام النهي عن العبادة حكم حرمة العبادة وجزئها حكم حرمة شرط العبادة حكم حرمة الوصف الملازم للعبادة المانعية عن العبادة وأقسامها مقتضى النهي عن العبادة مقتضى النهي عن المعاملة استظهار فساد المعاملة بالنهي من الروايات القول بدلالة النهي على الصحة المقصد الثالث: في المفاهيم تعريف المفهوم مفهوم الشرط سنخ الحكم وشخصه إذا تعدّد الشرط واتّحد الجزاء تداخل الأسباب والمسبّبات التفصيل بين معرفية الأسباب الشرعية ومؤثريّتها مفهوم الوصف مفهوم الغاية دخول الغاية في المغيّى وعدمه مفهوم الاستثناء دلالة «إنّما» على الحصر دلالة (بل) الاضرابية على الحصر اقتضاء تعريف المسند إليه للحصر مفهوم اللّقب والعدد المقصد الرابع: في العام والخاص تعريف العام أقسام العام دوران العام بين المجموعي والاستغراقي صيغ العموم التمسّك بالعام بعد التخصيص دليل القول الأوّل التمسّك بالعام في الشبهة المفهومية للخاص التمسّك بالعام في الشبهة المصداقية للخاص المخصّص اللبّي إحراز الفرد المشكوك بأصالة العدم الأزلي التسمك بالعموم لا من جهة احتمال التخصيص تزاحم العنوان الأولى مع الثانوي دوران الأمر بين التخصيص والتخصّص التمسّك بالعام قبل الفحص عن المخصّص التفصيل في وجوب الفحص مقدار الفحص الخطابات الشفاهية خطابات القرآن الكريم ثمرة شمول الخطاب للمعدومين تعقّب العام بضمير الخاص تخصيص العام بمفهوم الموافقة تخصيص العام بمفهوم المخالفة تعقب الاستثناء للجمل المتعددة تخصيص الكتاب بخبر الواحد العام والخاص المتخالفان حقيقة النسخ حقيقة البداء في التكوينيات المقصد الخامس: المطلق والمقيّد تعريف المطلق الموضوع له في أسماء الأجناس الموضوع له في علم الجنس الموضوع له في المعرف باللام الموضوع له في النكرة مقدمات الحكمة المطلق والمقيد المتنافيان الإطلاق والتقييد في المستحبات المجمل والمبيّن
مبحث الضدّ
فصل
الأمر بالشيء هل يقتضي النهي عن ضدّه أو لا؟ فيه أقوال[1].
كما أنّ المراد بالضدّ هنا[2].
إنّ توهّم توقّف الشيء على ترك ضدّه[3].
وما قيل في التفصّي عن هذا الدور... الخ[4].
إن قلت: هذا إذا لوحظا منتهين إلى إرادة شخص واحد... إلخ[5].
فإنّه وإن كان قد ارتفع به الدور... إلخ[6].
والمنع عن صلوحه لذلك بدعوى أنّ قضية كون العدم مستنداً إلى وجود الضدّ[7].
كون مبحث الضد مسألة أُصوليّة
[1] لا يخفى أنّ هذه المسألة أيضاً كمسألة البحث عن الملازمة بين إيجاب شيء وإيجاب مقدّمته لا ترتبط بدلالة اللفظ، ولو قيل بالاقتضاء للحرمة الغيرية في الضدّ العامّ أو الخاصّ حتّى فيما إذا لم يكن وجوب الفعل مستفاداً من الخطاب، بل كان بالإجماع أو بالملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع، والتعبير في عنوان المسألة باقتضاء الأمر لا باقتضاء الوجوب لكون الوجوب غالباً بالأمر الظاهر في الطلب بصيغة الأمر أو بمادّته ونحوهما.
ولا يخفى أيضاً أنّ هذه المسألة كمسألة الملازمة بين إيجاب شيء وإيجاب مقدّمته، من المباحث الاصولية التي يثبت بها ـ على تقدير عدم الاقتضاء ـ صحّة العبادة المضادّة للمأمور به مع ضمّ إمكان الترتّب أو كفاية الملاك في صحّة العمل عبادة، كما يستنبط منها بطلان العبادة على تقدير الاقتضاء بضميمة مسألة أنّ النهي عن العبادة ولو غيريّاً يوجب فسادها، إذ مع النهي المزبور لا يمكن إحراز الملاك في تلك العبادة التى يعمّها متعلّق الأمر بطبيعيه لولا النهي الغيري. ومما ذكرنا ظهر أنّ الحكم بصحّة العبادة المضادّة للمأمور به يحتاج إلى ضمّ مقدّمة أُخرى، وإن لم تكن تلك المقدّمة من المسائل الاصولية المستقلّة، بل يكون البحث فيها في ضمن بعض مسائلها كبحث الترتّب أو كفاية الملاك في وقوع العمل عبادة.
لا يقال: لا حاجة إلى هذا التطويل لإدخال مسألة الاقتضاء في المسائل الاصولية، فإنّ الملاك في كون المسألة اصولية ـ كما مضى في بحث المقدّمة ـ هو أن يستنبط من نتيجتها بعد إحراز صغراها، الحكم الفرعى الكلّي بأن تكون نتيجة القياس أمراً يلازم الحكم الشرعي الفرعي الكلّي، كما تقدّم في بحث الملازمة بين إيجاب شيء وإيجاب مقدّمته، فإنّه يستفاد منها الملازمة بين إيجاب الصلاة وإيجاب مقدّماتها، فينتقل إلى وجوب الوضوء وتطهير الثوب والبدن وغيرهما من شرائطها عند وجوب الصلاة وفيما نحن فيه أيضاً إذا بنينا على الاقتضاء بين وجوب فعل وحرمة ضدّه الخاصّ مثلاً يقع هذا الاقتضاء ـ أي الملازمة ـ في طريق استنباط الحرمة الغيرية لضدّ الواجب، كالصلاة بالإضافة إلى وجوب الإزالة. وبالجملة نفس الحرمة الغيرية حكم فرعي يثبت لضدّ الواجب ويستنبط من نتيجة هذه المسألة، وهي ثبوت الاقتضاء.
فإنّه يقال: لا تقاس الحرمة الغيرية الشرعية بالوجوب الغيري الشرعي، فإنّ الوجوب المزبور لكونه مصحّحاً للتقرّب بالإتيان بمتعلّقه بداعويته كان مهمّاً، فيدخل في المسائل الفرعية التي تستنبط من بحث الملازمة، بخلاف الحرمة الغيرية فإنّها لا تكون كالحرمة النفسيّة مبعّدة لا بنفهسا ولا بالقصد، فإنّ المبعديّة إنمّا هي في ترك الواجب لا في الإتيان بضدّه كما يأتي.
تفسير مفردات العنوان
ثمّ المراد بالاقتضاء في عنوان البحث هو الأعم من العينية والجزئية واللزوم؛ فالمقصود من كون الأمر بالشيء عين النهي عن ضدّه العامّ على ما قيل هو أنّ المفهوم من الأمر بالشيء وإن كان مغايراً للمفهوم من النهي عن ضدّه العامّ إلاّ أنّهما بحسب الخارج شيء واحد يصّح التعبير عنه بكلّ منهما، نظير ما يقال: الاثنان نصف الأربعة خارجاً لا مفهوماً. وبالجملة البعث إلى فعل خارجاً كما أنّه مصداق للأمر به، كذلك مصداق للنهي عن ضدّه العامّ، فإنّ الأمر بشيء عين طلب ترك تركه.
والمراد بالجزئية على ما قيل من أنّ الوجوب يتضمّن المنع من تركه، الذي هو ضدّ عامّ للفعل بأن يكون الوجوب عبارة عن طلب الفعل مع المنع من تركه.
كما أنّ المراد باللزوم كون النهي عن الضدّ العام أو الخاصّ، خارجاً عن مفاد الوجوب ويكون لازماً أو ملازماً له.
ومما ذكرنا يظهر أنّه لا تنافي بين تعميم الاقتضاء للعينيّة والتضمّن، وبين كون المسألة عقليّة، ووجه عدم المنافاة أنّ المراد بكون المسألة عقلية أنّه لا دخل لصيغة الأمر أو مادّته أو نحوهما في المبحوث عنه في المقام، بل يعمّ البحث ما كان وجوب الفعل مستفاداً من عقل أو نقل أو إجماع، ويبحث في أنّه هل يجوز عقلا أن يجب فعلٌ واقعاً ولا يحرم ضدّه العامّ أو الخاصّ أو لا يمكن ذلك؟ لكون وجوبه ـ مثلا ـ عين ضدّه العامّ خارجاً، أو أنّ حرمته داخلة في وجوبه ولا يثبت الكلّ بدون ثبوت أجزائه.
وبتعبير آخر: ليس المراد بالتضمّن الدلالة التضمنيّة، وبالعينية الدلالة المطابقيّة، على ما تقدّم، بل المقصود أنّه هل يمكن التفكيك عقلا بين الوجوب وعينه أو جزئه أو لازمه وملازمه أم بينهما علقة عقلية.
[2] ليس المراد بالضدّ في المقام الأمر الوجودي الذي لا يجتمع مع الأمر الوجودي الآخر على ما هو المصطلح عند أهل الميزان، بل المراد مطلق المنافي للواجب، سواء كان أمراً وجودياً، كما في الضدّ الخاصّ غالباً، أو أمراً عدمياً، كما في الضدّ العامّ، وهذا فيما إذا كان متعلّق الأمر هو الفعل، وأمّا إذا كان الترك يكون ضدّه العامّ هو الفعل. وبتعبير آخر: يطلق الضدّ العامّ على نقيض الشيء سواء كان أمراً عدمياً أو وجودياً.
الضد الخاصّ
[3] قد ذكر لاقتضاء الأمر بشيء النهي عن ضدّه الخاصّ وجهان:
الأوّل: أنّ المضادّة والمنافرة بينه وبين الفعل المأمور به مقتضاها ثبوت الممانعة بينهما بأن يكون وجود كلّ منهما مانعاً عن تحقّق الآخر وبما أنّ عدم المانع من مقدّمات وجود الشيء، فيكون ترك الضدّ من مقدّمات المأمور به، فيجب من جهة المقدّميّة و إذا وجب تركه حرم فعله، لأنّ الفعل ضدّ عامّ للترك فالأمر بالشيء قد اقتضي النهي عن ضدّه العامّ.
وقد يورد على هذا الاستدلال بوجهين أشار الماتن (قدس سره) إلى أوّلهما بقوله: «وهو توهم فاسد... إلخ» وحاصله أنّ ثبوت الممانعة بين الضدّ الخاصّ والمأمور به ممنوعة فإنّ مقتضى المضادّة بينهما عدم إمكان اجتماعهما في الوجود، وأمّا كون أحدهما مانعاً عن الآخر بحيث يكون ترك أحدهما مقدّمة وسابقاً رتبةً على وجود الآخر فلا، بل يكون عدم أحدهما مع وجود الآخر في رتبة واحدة وبينهما كمال الملائمة نظير المتناقضين، فإن ثبوت المنافرة بينهما كما لا تقتضي الممانعة كي يكون ارتفاع أحدهما مقدّمة لثبوت الآخر، كذلك الحال في المتضادّين، كيف ولو كانت المضادّة موجبة لتوقّف المأمور به على ترك ضدّه، توقّف الشيء على فقد مانعه، لتوقّف ترك الضدّ على فعل المأمور به توقّف فقد الشيء على مانعه، فيكون الفعل المأمور به سابقاً في الرتبة على ترك الضدّ المفروض سبقه على المأمور به، وهذا هو الدور.
[4] وقد يدفع الدور المزبور ويقال بصحّة توقّف المأمور به على ترك ضدّه الخاصّ من غير أن يتوقّف ترك ضدّه على المأمور به بتقريب:
إنّ الشيء في تحقّقه يتوقّف على تمام أجزاء علّته التي منها عدم المانع إلاّ أنّ عدم الشيء لا يستند إلاّ إلى عدم تمام علّته بأن يستند إلى عدم مقتضيه وسببه فيما إذا لم يوجد سببه ومقتضيه، وإلى عدم شرطه فيما كان مقتضيه موجوداً ثمّ تصل النوبة إلى استناد عدمه إلى وجود المانع فيما إذا كان السبب والشرط موجودين فاستناد عدم الشيء إلى وجود مانعه يحصل بعد وجود المقتضى له مع جميع شرائطه. وعلى ذلك فتوقّف المأمور به على ترك ضدّه الخاصّ فعليّ، ولكن ترك ضدّه الخاصّ مستند إلى عدم مقتضيه لا إلى فعل المأمور به.
بل يمتنع تحقّق المقتضي للضدّ الخاصّ واستناد عدمه إلى وجود المانع مع تحقّق تمام العلّة لوجود المأمور به، لرجوع عدم تحقّق الضدّ الخاصّ مع وجود المأمور به في النتيجة إلى عدم تعلّق الإرادة الأزليّة به وتعلّقها بالآخر، كما هو مقتضى الالتزام بأنّ أفعال العباد تستند إلى مشية الله (سبحانه وتعالى) على ما تقدّم في بحث الطلب والإرادة.
[5] هذا الإشكال مع جوابه تتميم لما ذكر في التفصي عن لزوم الدور وتصحيح لتوقّف المأمور به على ترك ضدّه من دون عكس.
وحاصل الإشكال: أنّ ما ذكر من استناد عدم الضدّ إلى عدم مقتضيه إنّما يلزم إذا كان لحاظ الضدّين بالإضافة إلى فعل شخص واحد، حيث إنّ مع إرادة أحدهما يكون عدم الآخر مستنداً إلى عدم إرادته، إذ لا معنى لتعلّق إرادة واحدة بوجود كلا الضدّين. وأمّا إذا لوحظا بالإضافة إلى شخصين كما إذا أراد أحدهما تحريك جسم والآخر إسكانه، فيكون عدم أحد الضدّين مستنداً إلى وجود الضدّ الآخر لا محالة.
وحاصل الجواب: أنّ الضدّين بالإضافة إلى إرادة كلّ من الشخصين كالضدّين بالإضافة إلى إرادة شخص واحد في أنّ عدم أحدهما مع وجود الآخر يستند إلى عدم مقتضيه لا إلى وجود الآخر فان قدرة الفاعل جزء المقتضى ولايكون مجرّد إرادة الفاعل للفعل مع عدم قدرته عليه، مقتضياً له كما إذا اعتقد كون هذا الشيء مقدوراً له أو احتمل قدرته عليه فأراده،لم يتحقق إذا كان غير مقدور له واقعاً. وعلى ذلك فعدم قدرة الشخص المغلوب في إرادته، هو الذي يستند إليه عدم الضد لا وجود الضد الآخر الصادر عن الغالب في إرادته، وبالجملة أنّ الفعل المأمور به وإن كان يتوقّف على ترك ضدّه ولكن ترك ضدّه لا يستند إلى فعل المأمور به بل إلى عدم مقتضيه.
[6] هذا تعليلٌ لبطلان التفصّي عن لزوم الدور بما تقدّم وحاصله:
أنّ ما تقدّم وإن كان يرتفع به الدور يعني التوقّف الفعلي من الجانبين إلاّ أنّ الملاك لاستحالة الدور وهو لزوم كون شيء سابقاً على الآخر رتبةً ومتأخّراً عنه كذلك بحاله موجود وتقريره:
إنّ فعل المأمور به يستند فعلا إلى ترك ضدّه على الفرض وترك ضدّه لايستند فعلا إلى فعل المأمور به، بل إلى عدم مقتضيه، فلا توقّف من الجانبين فعلا، ولكن ملاك استحالة الدور ليس خصوص التوقّف الفعلي من الجانبين ليقال إنّه ليس في البين هذا الملاك بل ملاك استحالته لزوم كون الشيء مقدّماً على الآخر رتبةً ومتأخّراً عنه كذلك، وهذا المحذور بعينه جار في المقام، وذلك فإنّ ترك الضدّ يكون مقدّماً رتبةً على فعل المأمور به لكون تركه من عدم المانع، ومن جهة أُخرى يكون ترك الضدّ متأخراً(1) أيضاً رتبةً عن المأمور به لأنّه لو كان المقتضي للضدّ حاصلا لاستند تركه إلى فعل المأمور به استناد عدم الشيء إلى مانعه.
وإلى ذلك أشار الماتن بقوله: «إلاّ أنّه غائلة لزوم توقّف الشيء» يعني توقّف فعل المأمور به «على ما يصلح» يعني على ترك الضدّ الذي يصلح «أن يتوقّف» ذلك الترك «عليه» أي على فعل المأمور به «على حالها لاستحالة أن يكون الشيء الصالح» أي فعل المأمور به الذي يصلح «لأن يكون موقوفاً عليه الشيء» أي ترك الضدّ «موقوفاً عليه» ذلك الشيء يعني على ترك الضد(2)، ضرورة أن فعل المأمور به لو كان في مرتبة يمكن أن يستند إليه ترك الضدّ لما أمكن استناد المأمور به فعلا إليه أي إلى ترك الضدّ لما ذكر من لزوم كون المأمور به مقدّماً ومتأخّراً عن ترك ضدّه رتبةً.
[7] يعني المنع عن صلاحية كون المأمور به موقوفاً عليه لترك ضدّه بدعوى امتناع استناد ترك الضدّ إلى فعل المأمور به، لأنّ استناد تركه إلى فعل المأمور به على تقدير المقتضي له وإن كان صادقاً بنحو القضية الشرطية إلاّ أنّ المقدّم فيها وهو تحقّق المقتضي للضدّ المزبور ممتنع، فإنّ الفاعل لايريد الجمع بين الضدّين ولا يتمكّن من الجمع بينهما ليتحقّق مع فعل المأمور به إرادة ضدّه، وصدق القضية الشرطية لا ينافي امتناع المقدّم المستلزم لامتناع التالي، فالمنع عن (الخ) مساوق للالتزام بارتفاع التوقّف من الجانبين، لأنّ المفروض مع وجود المقتضي لأحد الضدّين ـ ولنفرضه فعل المأمور به ـ لا يمكن أن يتحقّق المقتضي للضدّ الآخر حتى يمنع ذلك الضدّ الآخر عن تأثير المقتضي الأوّل، فلايكون ترك الضدّ موقوفاً عليه للمأمور به، كما أنّ ترك الضدّ غير مستند إلى فعل المأمور به.
وبالجملة فعدم المانع يكون من أجزاء العلّة التامة للشيء. ولا يصغى إلى ما قيل: كيف يكون عدم المانع من أجزاء العلّة مع أنّ العدم ليس بمؤثّر.
إذ لا معنى لدخالة عدم المانع في وجود الشيء إلاّ بأن يكون تأثير المقتضي فيه فعلياً في ظرف عدم المانع، وأمّا مع وجوده فلا يؤثر في ذلك الشيء، فوصول النار إلى جسم قابل للاحتراق يوجب احتراقه في ظرف عدم الرطوبة الغالبة في ذلك الجسم لا معها.
وعليه فينحصر كون الشيء مانعاً فيما يمكن اجتماعه مع مقتضي الشيء الآخر ويمنع بوجوده عن تأثير ذلك المقتضي في المنفعل، فالمانع الذي يكون عدمه في رتبة سائر أجزاء العلّة وهي سابقة على المعلول، هو هذا المانع، وهذا لا يتحقّق في الفعلين المتضادّين لعدم إمكان اجتماع المقتضي لأحدهما مع المقتضي للآخر على ما مرّ.
أقول: يرد عليه أوّلا بأنّ قياس الضدّين بالنقيضين في كون أحد الضدّين مع بديل الآخر في مرتبة واحدة وأنّ المنافرة بين النقيضين كما تقتضي تقدّم ارتفاع أحدهما على ثبوت الآخر كذلك تقتضيه في المتضادّين، قياس مع الفارق حيث إنّ ارتفاع أحد النقيضين عين الآخر لا أنه شيء في مرتبة الآخر والمدعى في الضدّين أنّ عدم أحدهما في رتبة وجود الآخر، وبالجملة فعدم المقدمية في ارتفاع أحد النقيضين إنّما هو لعدم الاثنينية بين رفع أحدهما وثبوت الآخر بخلاف ترك أحد الضدّين الذين لهما ثالث، فلابدّ لعدم المقدمية بين ترك أحدهما وفعل الآخر من التماس وجه آخر غير العينية إذ ليس ترك أحدهما عين وجود الآخر لمكان الثالث.
وثانياً: أنّ ما ذكره في ارادة شخصين من استناد أحد الضدين إلى فقد مقتضيه ـ لأنّ التمكّن على الفعل داخل في الإرادة المقتضية للفعل والمغلوب في إرادته لا يتمكن على الفعل ـ ففيه ما لا يخفى، فإنّ المعتبر في المقتضي التأثير في حصول الشيء في نفسه ولا ينافيه عدم التأثير مع سائر القواهر فانّ التأثير الفعلي في حصول الشيء شأن العلة التامة التي من أجزائها عدم المانع وبتعبير آخر المغلوب في إرادته متمكّن من تحريك الشيء لولا إسكان ضده فيكون إسكان الضد أو إرادة إسكانه مانعاً عن تحريك الشيء.
فتحصّل أنّ مقتضى ما تقدم هو أن لا يكون بين الضدين تمانع فيما لم يمكن حصول المقتضي لكل منهما كما في إرادة شخص واحد، إذ لا يكون في هذه الصورة حصول أحدهما مستنداً إلى عدم حصول الآخر، كما لا يكون عدم حصول الآخر مستنداً إلى حصول الأوّل. وامّا إذا لم يكن بين المقتضيين (بالكسر) تضاد بل كانا حاصلين وكان لأحدهما تأثير فعلي دون الآخر ففي مثله يكون أقوى المقتضيين مانعاً عن تأثير الآخر منهما كما في إرادة شخصين مع كون ما أراده أحدهما مضاداً لما أراده الآخر ومن هذا القبيل ما ذكره (قدس سره) من أنّه ربّما تكون العلة التامة لأحد الضدين مانعاً عن تأثير المقتضي للآخر كالشفقة الشديدة على الولد الغريق حيث إنّها تمنع عن تأثير المحبة للأخ الغريق في إرادة إنقاذه وإلاّ فيمكن أن يقال إنّ مجرّد المحبّة لا تكون مقتضية لإرادة إنقاذ الأخ، وعلى ذلك فيمكن أن يقال إنّ تحريك ا لجسم من الغالب في إرادته غير مانع عن تحريك الآخر بل المانع هو إرادة الغالب في إرادته، فيكون عدم تحريك المغلوب في إرادته مستنداً إلى إرادة الغالب لا إلى نفس إسكانه.
وعليه فالضدين لا يكون بينهما تمانع بالمعنى المصطلح في أجزاء العلة التامة للشيء سواء كان لحاظ صدورهما عن شخص أو شخصين والمانعية إنّما هي في إرادة الشخص الغالب في إرادته،وهذا لا يتصور في لحاط الضدين بالإضافة إلى شخص واحد فإنّ تحقّق إرادة الضدّ من شخص واحد لا تجتمع مع إرادته الضدّ الآخر فإن لازم تحقّق الإرادتين، إرادة الجمع بين الضدين بخلاف إرادة شخصين فإنّ مقتضى إرادتهما تحقّق ما أراد كل منهما دون ما أراد الآخر.
إذن فالمانعيّة بين الضدين بمعناها اللغوي ـ أي المنافرة بينهما وعدم إجتماع أحدهما إلاّ مع بديل الآخر ـ حاصلة بين الضدين ولكن هذا غير المانع الذي يعدّ من أجزاء العلّة التامّة للشيء فانّ المعدود عدمه من أجزائها ما كان يجتمع مع المقتضي ويمنع عن تأثيره، كما في النار المماسّة مع الجسم القابل للإحتراق حيث إنّ رطوبة ذلك الجسم تمنع عن تأثير النار.
وأمّا إذا لم يكن من إجتماع المقتضيين (بالكسر) كما في إرادة شخص لأحد الضدين حيث لا يمكن معها إرادته الضد الآخر،لما تقدم من أنّ مقتضاهما الجمع بين الضدين فلا يصح عدّ أحدهما مانعاً عن الآخر.
ثمّ إنّه قد يوجّه ما ذكره الماتن (قدس سره) في أوّل كلامه في الإستدلال على نفي مقدميّة ترك الضد لفعل المأمور به بقوله: (إنّ المعاندة والمنافرة بين الشيئين لا تقتضي إلاّ عدم إجتماعهما... إلخ)(3) بأنّه إشارة إلى قياس المساواة التي اعتمد عليه المحقّق النائيني (قدس سره)(4) في المقام وتقريره: أنّ الضد الخاص يكون في مرتبة الفعل المأمور به كما هو مقتضى المضادة بينهما، وترك الضد الذي يلائم المأمور به يكون في مرتبة فعل الضد كما هو الحال بين كل شيء ونقيضه فيكون ترك الضد في رتبة فعل المأمور به بقياس المساواة.
ولا يخفى ما في التوجيه فإنّ الماتن (قدس سره) أضاف إلى الملائمة بين بديل أحد الضدين مع الضد الآخر قوله: (من دون أن يكون في البين ما يقتضي تقدّم أحدهما على الآخر) وهذا القيد عبارة أخرى عن نفي مقدميّة ترك أحد الضدين لفعل الضد الآخر أو نفي مقدميّة فعل الضد لترك الضد الآخر، وإلاّ فقياس المساواة في الرتبة باطل من أصله، حيث يمكن أن يتقدم أحد الشيئين على الآخر في الرتبة لارتباطهما بنحو العليّة والمعلوليّة ولا يحصل التأخّر في الرتبة بين ما يساوي مرتبة المتأخر وما يساوي مرتبة المتقدم كما في عدم المعلول المساوي للمعلول في الرتبة وعدم العلة المساوي للعلة في الرتبة حيث لا يتأخر عدم المعلول عن عدم العلة بل هما في مرتبة واحدة لعدم توقف عدم شيء على عدم شيء آخر.
وعليه فيمكن أن يكون أحد الضدين مع الضد الآخر في مرتبة واحدة ولا يكون ترك أحدهما مع فعل الآخر في رتبة واحدة وبتعبير آخر الملائمة بين الأمرين قد تقتضي تقدم أحدهما على الآخر كالملائمة بين العلة والمعلول وقد لا تقتضي كالملائمة بين عدم العلة وعدم المعلول، فالملائمة لا بنفسها تكون دليلاً على المساواة في الرتبة ولا عدمها يقتضي المساواة أيضاً كما في عدم ملائمة المانع مع الممنوع.
وممّا ذكرنا من عدم توقف فعل أحد الضدين على ترك الآخر ولا توقف عدم أحدهما على فعل الآخر ظهر بطلان ما نسب إلى العضدي والحاجبي من توقف فعل أحد الضدين على ترك الآخر وتوقف ترك الآخر على فعله، كما ظهر بطلان شبهة الكعبيّ بانتفاء المباح استناداً إلى أنّ ترك المحرمات يتوقف على الأفعال المباحة فتكون فعلها واجبة.
ثمّ إنّ هذا كلّه بناءاً على مسلك الماتن (قدس سره) وغيره من توقف الأفعال الإختيارية كسائر الممكنات، على العلة التامة وأنّ إرادة الفعل علّة له.
وأمّا بناءاً على ما سلكناه في بحث الطلب والإرادة من خروج الأفعال الإختيارية عن تلك القاعدة حيث إنّ قدرة الفاعل بنفسها كافية في صدور الفعل عنه وأنّ ما يعدّ من مبادئ الإرادة لا يكون إلاّ مرجّحاً عند الفاعل في إختياره وإعمال قدرته في أحد طرفي الشيء، فلا تكون الإرادة علّة تكوينيّة للفعل الإختياري على ما ذكروه بل هي مرجح لاختيار الفعل وصرف القدرة لايجاده، كما لا معنى لكون فعل الضد مانعاً من المأمور به، لأنّ صرف قدرته في المأمور به، انّما هو للمرجّح فيه دون ضدّه.
وبيان ذلك: أنّ المأمور به مع ضده، إذا لم يكن لهما ثالث كالحركة والسكون، فاختيار المكلف أحدهما عين اختيار ترك الآخر وإذا كان لهما ثالث فالفاعل يتمكن من الإتيان بواحد منها دون الجمع بينها في الوجود ومع اختياره الإتيان بواحد معين لمرجّح فيه يكون غيره متروكاً لا محالة من غير أن يكون في البين ملاك المقدميّة أيضاً، حيث إنّ ملاك المقدميّة في الأفعال الإختيارية إمّا كون فعله قيداً للمأمور به كما في شرائط المأمور به نحو تقيّد الصلاة بالوضوء، أو كون تركه كذلك كما في موانع المأمور به نحو تقيّدها بترك القهقهة والبكاء لأمر الدنيا، أو كون فعله موجباً لفعلية القدرة على الفعل الآخر كالمسير بالاضافة إلى الإتيان بالمناسك، والمفروض أنّ ترك الضدّ لا هو مأخوذ قيداً في متعلّق الأمر بالضدّ الآخر ولا أنّه ممّا يحصل به التمكن الفعلي على المأمور به بل هو ملازم لفعل الضد، فإذا صرف المكلف قدرته المساوي نسبتها بالاضافة إلى الضدين من قبل، في واحد معين لمرجح فيه كأمر الشارع به يصير ترك الآخر ملازماً له لا محالة.
نعم لو كان ترك الفعل قيداً للمأمور به كأخذ ترك القهقهة مثلاً قيداً في الصلاة وقلنا بالملازمة بين وجوب الصلاة ووجوب مقدماتها فلا بأس بالقول بأنّ ايجاب الصلاه المتقيدة بترك القهقهة، يقتضي إيجاب ترك القهقهة غيريّاً، ولو كان الأمر بالشيء نهياً عن ضده العام لحرمت القهقهة غيريّاً عند فعل الصلاة وهذه المضادة بين الصلاة والقهقهة حصلت من أخذ التقييد بتركها في متعلق الأمر بالصلاة على ما تقدم وإلاّ لم يكن بينهما أيّ مضادّة ذاتاً.
وأمّا لو كان بين المأمور به والفعل الآخر مضادة ذاتاً لم يمكن تقييد المأمور به بتركه لأنّه يصبح لغواً محضاً إذ إتيان المأمور به يستلزم ترك ضدّه قهراً كما لا يخفى. ومن هنا لا يمكن تقيّد المأمور به بوجود شيء وبعدم ضده أيضاً بأن يكون وجوده شرطاً للمأمور به، كالطهارة من الحدث حيث إنّها شرط للصلاة، ويكون ضد ذلك الشيء مانعاً عن المأمور به بأن يكون الحدث مانعاً عن الصلاة، لأنّ أحد التقييدين لغو محض، وبتعبير آخر إذا فرض أنّ متعلق الأمر بالصلاة مقيد بالطهارة، فلا يمكن معه تقيد آخر بأن يكون متعلق الأمر بها مقيّداً بعدم الحدث حيث يصبح أحد التقيدين لغواً محضاً بل لابدّ امّا من تقييد الصلاة بالطهارة أو بعدم الحدث فإن كان التقيد بالنحو الأوّل تكون الطهارة شرطاً وإن كان بالنحو الثاني يكون الحدث مانعاً.
ولذا قد يقال إنّه يشكل الأمر فيما يدلّ على اشتراط الصلاة بالطهارة كقوله (سبحانه وتعالى) (إذا قُمْتُمْ إلى الصّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ)(5) الآية وقوله (عليه السلام) في مثل صحيحة زرارة(6) «لا صلاة إلاّ بطهور» يعني بطهارة، مع ما ورد في الروايات(7) من أنّ الحدث يقطع الصلاة ووجه الإشكال هو أنّ ظاهر الأوّل شرطية الطهارة وظاهر الثاني مانعية الحدث.
ولكن الإشكال ضعيف فانّ الصلاة اسم لأجزائها، والآنات المتخللة بين أجزائها غير داخلة في معنى الصلاة وظاهر ما ورد في اعتبار الطهارة في الصلاة اعتبارها في أجزائها وعليه فلو لم يكن في البين ما يدلّ على قاطعية الحدث لقلنا إنّ من صلى بعض صلاته وأحدث في الأثناء يجوز له تجديد الطهارة والإتيان ببقية الصلاة بعد تجديدها حيث إنّ الصلاة حصلت مع الطهارة، ولكن ما ورد في قاطعية الحدث يدلّ على أنّ هذا التجديد لا يفيد في تصحيح الصلاة المزبورة وأنّ الأجزاء السابقة تبطل بالحدث في الأثناء ولذا عبّر عن الحدث في الأثناء بالقاطع، فالطهارة شرط في الأجزاء، وعدم الحدث معتبر في الآنات المتخلّلة فلا منافاة في البين ولا لغوية كما لا يخفى.
ثم إنّه قد يقال إنّ ترك أحد الضدين متقدم على فعل الضدّ الآخر بالطبع فانّ الملاك في التقدم بالطبع أن لا يكون للمتأخّر وجود إلاّ مع المتقدم ولا عكس بأن يمكن تحقّق المتقدم ولا يكون للمتأخر حصول كما في تقدّم الجزء على الكلّ وتقدّم الواحد على الإثنين، وفيما نحن فيه يمكن ترك أحد الضدين من غير أن يوجد الضدّ الآخر، لتمكّن المكلّف من تركهما كما في الضدين الذين لهما ثالث، ولكن لا يمكن وجود الضد الآخر إلاّ مع ترك ضده وعلى ذلك فلا يكون وجود أحد الضدين متقدماً على الآخر بالطبع لامكان عدمهما ولكن عدم أحدهما يتقدم على وجود الآخر بالطبع.
أقول: مع أنّ ملاك تقدم شيء على الآخر بالطبع ليس مجرد ما ذكر وإلاّ لزم التفصيل بين ضدين لهما ثالث، وما ليس لهما ثالث كالحركة والسكون، بل ملاكه كون أحد الشيئين من علل قوام الآخر كما في الجزء والكل والواحد والاثنين، أنّ مجرّد التقدّم الطبعي لا يكون ملاكاً لثبوت الوجوب الغيري للمتقدّم ولذا تقدّم في بحث المقدمة أنّ تقدّم الجزء على الكلّ وإن كان بالطبع إلاّ أنّه لا يكون مقدّمة للكلّ ليثبت له الوجوب الغيري بل الملاك في المقدميّة التي توجب تعلّق الوجوب الغيري بمعنونها أحد الأمرين المتقدمين(8) وشيء منهما غير ثابت بين المأمور به وضده الخاصّ المفروض في المقام ولعلّ هذا هو مراد الماتن (رحمه الله) من أنّ المضادة لا تقتضي إلاّ امتناع الإجتماع وعدم وجود أحدهما إلاّ مع عدم الآخر الذي هو بديل وجوده والمناقض لوجوده، فيكون في مرتبته أي يكون عدم أحدهما في مرتبة وجود الآخر لا مقدماً على وجود الآخر ولو طبعاً.
(1). لا يخفى أنّ هذا التأخّر شأني لا فعليّ ولهذا عبّر عنه الماتن (قدس سره) بما يصلح.
(2). ولا يخفى عدم استقامة العبارة، إلاّ إذا أُريد من الشيء الأوّل غير ما أُريد من الثاني. كما فسّرها الأُستاذ (دام ظلّه) بهما ولكن لو كان يبدّل مكانهما، بأن كان يفسّر الشيء الأوّل بترك الضد والثاني بفعل المأمور به والضمير في «عليه» الثاني بترك الضد لكان أولى وأنسب وعليه هكذا يكون معنى العبارة:
إنّ ترك الضد ـ الّذي يكون المأمور به موقوفاً عليه ـ يستحيل أن يكون موقوفاً على فعل المأمور به من باب توقف عدم الضد وتركه على وجود المانع، أي أنّ ترك الضدّ يستحيل أن يكون موقوفاً عليه (فعلاً) وموقوفاً (شأناً) في نفس الوقت.
(3). الكفاية: 130.
(4). أجود التقريرات: 1 / 259.
(5). سورة المائدة: الآية 6.
(6). الوسائل: ج 1، الباب 1 من أبواب الوضوء، الحديث 1.
(7). الوسائل: ج 4، الباب 1 من أبواب قاطع الصلاة، الحديث 1.