إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَإِيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراًلَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ.كان الكلام في الآيات السابقة يدور حولالذين يندمون حقّا على انحرافهم عن طريقالحقّ فيتوبون توبة صادقة. في هذه الآيةيدور الكلام على الذين لن تقبل توبتهم، وهم الذين آمنوا أوّلا، ثمّ ارتدّوا وكفروا، و أصرّوا على كفرهم، و رفضواالانصياع لأوامر اللّه، حتّى إذا اشتدّعليهم الأمر اضطرّوا إلى العودة للإسلام.إنّ اللّه لن يقبل توبة هؤلاء، لأنّهم لنيتّخذوا باختيارهم خطوة في سبيل اللّه، بلهم مجبرون على إظهار الندم و التوبة بعدرؤيتهم انتصار المسلمين. لذلك فتوبتهمظاهرية و لن تقبل.و ثمّة احتمال آخر في تفسير هذه الآية هو:أنّ أمثال هؤلاء الأشخاص عند ما يرونأنفسهم على أعتاب الموت و نهاية العمر قديندمون و يتوبون حقّا. غير أنّ توبتهم لنتقبل، لأنّ وقت التوبة يكون قد انتهى، كماسيأتي شرحه. و هذا نظير قوله تعالى فيالآية 18 من سورة النساء: وَ لَيْسَتِالتَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَالسَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَأَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُالْآنَ.و قيل: من المحتمل أن يكون معنى الآية: إنّالتوبة عن الذنوب العادية في حال الكفر لنتقبل. أي إذا أصرّ أحدهم على المضي في طريقالكفر، ثمّ تاب عن ذنوب معيّنة كالظلم والغيبة و أمثالهما، فإنّ توبته هذه لاطائل وراءها و لن تقبل، و ذلك لأنّ غسلالتلوّث الظاهر عن الروح و النفس، مع بقاءالتلوّث الأعمق في الباطن، لا فائدة منه.لا بدّ أن نضيف هنا أنّ التفاسير المذكورةآنفا لا تعارض بينها، و قد تشملها