لمّا مات «عبد الرحمن بن ثابت الأنصاري»«أخو حسان بن ثابت» الشاعر المعروف في صدرالإسلام و قد خلف امرأة و خمسة أخوان،اقتسم إخوانه ميراثه بينهم و لم يعطوازوجته شيئا ممّا تركه من المال، فشكت ذلكإلى رسول اللّه صلّى الله عليه وآله وسلّمفنزلت الآيات الحاضرة التي تبيّن و تحددسهم الأزواج من الإرث بنحو دقيق.كمانقل عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري أنّهقال: مرضت فعادني رسول اللّه صلّى اللهعليه وآله وسلّم فأغمي عليّ، فطلب النّبيماء و توضأ لبعضه و صب بعضه الآخر عليفأفقت فقلت: يا رسول اللّه كيف أصنع فيمالي (أي كيف يجب أن يكون أمره من بعدوفاتي) فسكت رسول اللّه صلّى الله عليهوآله وسلّم و لم يقل شيئا، فنزلت آيةالمواريث تبيّن نظام الإرث و تحدد أسهمالورثة.
الإرث حق طبيعي:
قبل أن نعمد إلى تفسير الآيات الحاضرة لابدّ أن نشير إلى عدّة نقاط.أوّلا: قد يتصور كثيرون أنّ من الأفضل أنتعود أموال الشخص بعد وفاته إلى الملكيةالعامّة، و أن تضاف إلى بيت مال المسلمين،و لكن الإمعان في هذا العمل يكشف لنا عنكونه خلاف العدل، لأن مسألة الإرث والتوارث مسألة طبيعية منطقية جدا، فكما أنالآباء و الأمهات ينقلون قسما من صفاتهمالجسمية و الروحية إلى أبنائهم- حسب قانونالوراثة الطبيعي- فلما ذا يستثنى من ذلكأموالهم فلا تنتقل إلى أبنائهم؟هذا مضافا إلى أنّ الأموال المشروعة هينتاج جهود الإنسان المضنية، و مساعيه وأتعابه فهي في الحقيقة طاقاته المتجسدة فيصورة المال و هيئة الثروة، و لهذا لا بدّمن الاعتراف بأن كل شخص هو المالك الطبيعيلحاصل