7- و الجار الجنب
ثمّ إنها توصي بالجيران البعيدين، والمراد- كما أسلفنا- هو البعد المكاني،لأنّ كل أربعين دارا من بين يديه و خلفه وعن يمينه و شماله تعتبر من الجيران، كماتصرح بعض الروايات «1»، و هذا يستوعب فيالمدن الصغيرة كل المدينة تقريبا (لأنّنالو فرضنا دار كل شخص مركز دائرة يقع فيامتداد شعاعها من كل صوب أربعون بيتالاتّضحت من خلال محاسبة بسيطة مساحة هذهالدائرة التي يكون مجموع البيوت الواقعةفيها ما يقرب من خمسة آلاف بيت، و منالمسلم أن المدن الصغيرة قلّما تتشكل منأكثر من هذا العدد من المنازل و البيوت.و الجدير بالتأمل أنّ القرآن يصرّح- فيهذه الآية- مضافا إلى ذكر الجيران القربين-بحقّ الجيران البعيدين، لأنّ لفظة الجارلها في العادة مفهوم محدود و ضيق و تشملالجيران القريبين فقط، و لهذا لم يكن بدّافي نظر الإسلام أن يذكر بالجيران البعيدينأيضا.كما يمكن أن يكون المراد من الجيرانالبعيدين الجيران غير المسلمين، لأنّ حقّالجوار غير منحصر في نظر الإسلام بالجيرانالمسلمين، فهو يعمّ المسلمين و غيرالمسلمين (اللّهم إلّا الذين يحاربونالمسلمين و يعادونهم).إنّ لحقّ الجوار في الإسلام أهميّة بالغةإلى درجة أنّنا نقرأفي وصايا الإمام أمير المؤمنين عليهالسّلام المعروفة: «ما زال (رسول اللّه)يوصي بهم حتى ظننا أنّه1- نور الثقلين، ج 1، ص 480.