الآية، و إن ذكر لها سبب نزولها خاص- ولكننا أسلفنا غير مرّة أن أسباب النزولالخاصّة لا تنافي عمومية مفهوم الآيات، ولهذا يمكن اعتبار هذه الآية تكميلا لماجاء من البحث في الآيات السابقة.و لقد أقسم اللّه- في هذه الآية- بأنّالأفراد لا يمكن أن يمتلكوا إيمانا واقعياإلّا إذا تحاكموا إلى النّبي و قضائه، و لميتحاكموا إلى غيره فَلا وَ رَبِّكَ لايُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيماشَجَرَ بَيْنَهُمْ.ثمّ يقول سبحانه: يجب عليهم، أن يتحاكمواإليك فقط، و مضافا إلى ذلك ليرضوا بماتحكمه، سواء كان في صالحهم أو في ضررهم ولا يشعروا بأي حرج في نفوسهم فضلا عن أن لايعترضوا، و بالتالي ليسلموا تسليما.ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْحَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُواتَسْلِيماً:و الانزعاج النفسي الباطني من الأحكامالتي ربّما تكون في ضرر الإنسان، و إن كانفي الأغلب أمرا غير اختياري، إلّا أنّهعلى أثر التربية الخلقية المستمرة يمكن أنتحصل لدى الإنسان روح التسليم أمام الحق،و الخضوع للعدالة، خاصّة بملاحظة المكانةلواقعية النّبي صلّى الله عليه وآلهوسلّم، فلا ينزعج من أحكام النّبي صلّىالله عليه وآله وسلّم، بل و لا من أحكامالعلماء الذين يخلفونه، و على كل فإنالمسلمين الواقعيين مكلفون دائما بتنميةروح الخضوع للحق، و التسليم أمام العدل فينفوسهم.إن الآية الحاضرة تبيّن علائم الإيمانالواقعي الراسخ في ثلاث مراحل:1- أن يتحاكموا إلى النّبي صلّى الله عليهوآله وسلّم- و حكمه النابع من الحكمالإلهي- في ما اختلفوا فيه، كبيرا كان أمصغيرا، لا إلى الطواغيت و حكام الجور والباطل.2- أن لا يشعروا بأي انزعاج أو حرج فينفوسهم تجاه أحكام الرّسول صلّى الله عليهوآله وسلّم و أقضيته العادلة التي هي- فيالحقيقة- نفس الأوامر الإلهية، و لا