إن المراد من «النفس» في هذه الآية هومجموعة الجسم و الروح، و إن كانت النفس فيالقرآن تطلق أحيانا على خصوص «الرّوح»أيضا.
و التعبير بالتذوق إشارة إلى الإحساسالكامل، لأن المرء قد يرى الطعام بعينيهأو يلمسه بيده، و لكن كل هذه لا يكون- والأحرى لا يحقق الإحساس الكامل بالشيء،نعم إلّا أن يتذوق الطعام بحاسة الذوقفحينئذ يتحقق الإحساس الكامل، و كأنالموت- في نظام الخلقة- نوع من الغذاءللإنسان و الأحياء.
ثمّ تقول الآية بعد ذلك وَ إِنَّماتُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَالْقِيامَةِ أي أنّه ستكون بعد هذه الحياةمرحلة أخرى هي مرحلة الثواب و العقاب، وبالتالي الجزاء على الأعمال، فهنا عمل ولا حساب و هناك حساب و لا عمل.
و عبارة «توفون» التي تعني إعطاء الجزاءبالكامل تكشف عن إعطاء الإنسان أجر عمله-يوم القيامة- وافيا و بدون نقيصة، و لهذالا مانع من أن يشهد الإنسان- في عالمالبرزخ المتوسط بين الدنيا و الآخرة- بعضنتائج عمله، و ينال قسطا من الثواب أوالعقاب، لأن هذا الجزاء البرزخي لا يشكلالجزاء الكامل.
ثمّ قال سبحانه: فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِالنَّارِ وَ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْفازَ.
و كلمة «زحزح» تعني محاولة الإنسانلإخراج نفسه من تحت تأثير شيء، و تخليصهامن جاذبيته تدريجا.
و أمّا كلمة «فاز» فتعني في أصل اللغة«النجاة» من الهلكة، و نيل المحبوب والمطلوب.
و الجملة بمجموعها تعني أنّ الذيناستطاعوا أن يحرروا أنفسهم من جاذبيةالنّار و دخلوا الجنّة فقد نجوا منالهلكة، و لقوا ما يحبونه، و كأن النّارتحاول بكلّ طاقتها أن تجذب الأدميين نحونفسها .. حقّا أنّ هناك عوامل عديدة تحاولأن تجذب الإنسان إلى نفسها، و هي على درجةكبيرة من الجاذبية.
أليس للشهوات العابرة، و اللذات الجنسيةالغير المشروعة، و المناصب،