التّفسير
استنادا إلى سبب النزول الذي ذكرناه،تتّضح لنا الصّلة الوثيقة بين هذه الآية والآيات التي تليها، و كذلك الآيات السابقةالتي تناولت مواضيع و قضايا عن المنافقين.فهذه الآية تخاطب في البداية المسلمين وتلومهم على انقسامهم إلى فئتين، كل فئةتحكم بما يحلو لها بشأن المنافقين، حيثتقول: فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَفِئَتَيْنِ ... «2» و تنهي المسلمين عنالاختلاف في أمر نفر أبوا أن يهاجروامعهم، و تعاونوا مع المشركين، و أحجموا عنمشاركة المجاهدين، فظهر بذلك نفاقهم، ودلت على ذلك أعمالهم، فلا يجوز للمسلمينأنّ ينخدعوا بتظاهر هؤلاء بالتوحيد والإيمان، كما لا يجوز لهم أن يشفعوا فيهؤلاء، و قد أكّدت الآية السابقة أن: مَنْيَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُكِفْلٌ مِنْها.و تبيّن الآية بعد ذلك: إنّ اللّه قد سلبمن هؤلاء المنافقين كل فرصة للنجاح، وحرمهم من لطفه و عنايته بسبب ما اقترفوه وإنّ اللّه قد قلب تصورات هؤلاء بصورةتامّة فأصبحوا كمن يقف على رأسه بدل رجليه:... وَ اللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا... «3».1- ذكرت أسباب أخرى لنزول هذه الآية والآيات التي تليها، و قيل أنّها نزلت فيواقعة أحد بينما الآيات التالية تتحدث عنالهجرة و لا تنسجم مع هذا القول، بل تنسجممع سبب النزول الذي ذكرناه أعلاه.2- في هذه الجملة، جملة أخرى محذوفة تتضحلدى الإمعان في الأجزاء الاخرى من الآية والتقدير: «فما لكم تفرقتم في المنافقينفئتين ...».3- «أركسهم»: من ركس و هو قلب الشيء علىرأسه، و تأتي أيضا بمعنى ردّ أوّل الشيءإلى آخره.