لقد أطلقت الآية السابقة أيدي المسلمينفي المنافقين الذين كانوا يشكلون خطراكبيرا على الإسلام، و سمحت لهم حتى بقتلأمثال هؤلاء المنافقين، و لكن تفاديالاستغلال هذا الحكم استغلالا سيئا، و لسدالطريق أمام الأغراض الشخصية التي قد تدفعصاحبها إلى قتل إنسان بتهمة أنّه منافق، وأمام أي تساهل في سفك دماء الأبرياء،بيّنت هذه الآية و التي تليها أحكام قتلالخطأ و قتل العمد، لكي يكون المسلمون علىغاية الدقّة و الحذر في مسألة الدّماءالتي تحظى باهتمام بالغ في الإسلام، تقولالآية الكريمة: وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍأَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً.هذه الآية تقرر في الواقع حقيقة منالحقائق، فالمؤمن لا يسمح لنفسه إطلاقا أنيسفك دما بريئا، لأنّ المشاعر الإيمانيةتجعل من الجماعة المؤمنة أعضاء جسد واحد،و هل يقدم عضو في جسد على قطع عضو آخر إلّاخطأ! من هذه الحقيقة يتّضح أنّ مرتكب جريمةالقتل متهم أوّلا في إيمانه.و عبارة «إلّا خطأ» لا تعني السماحبارتكاب قتل الخطأ! لأنّ مثل هذا القتل لايكون عن قرار مسبق، و لا يكون مرتكبه حينالارتكاب على علم بخطئه أنّها- إذن- تقريرلحقيقة عدم ارتكاب المؤمن مثل هذه الجريمةإلّا عن خطأ.ثمّ تبيّن الآية الكريمة غرامة قتلالخطأ، و تقسمها إلى ثلاثة أنواع:فالنّوع الأوّل: هو أن يحرر القاتل عبدامسلما، و يدفع الدية عن دم القتيل إلى أهلهإذا كان القتيل ينتمي إلى عائلة مسلمة وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأًفَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ فإذاوهب أهل القتيل الدية و تصدقوا بها له فلبسعلى القاتل أن يدفع شيئا: إِلَّا أَنْيَصَّدَّقُوا ....و النّوع الثّاني: من غرامة قتل الخطأيكون في حالة ما إذا كان القتيل مسلما،