التّفسير
بعد أن وردت التأكيدات اللازمة- في الآياتالسابقة- فيما يخص حماية أرواح الأبرياء،ورد في هذه الآية أمر احترازي يدعو إلىحماية أرواح الأبرياء الذين قد يعرضون إلىالاتهام من قبل الآخرين، إذ تقول: ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذاضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِفَتَبَيَّنُوا وَ لا تَقُولُوا لِمَنْأَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَمُؤْمِناً ....تأمر هذه الآية المسلمين أن يستقبلوا- بكلرحابة صدر- أولئك الذين يظهرون الإسلام وأن يتجنبوا إساءة الظن بإيمان أو إسلامهؤلاء، و تؤكد الآية بعد ذلك محذرة و ناهيةعن أن تكون نعم الدنيا الزائلة سببا فياتهام أفراد أظهروا الإسلام، أو قتلهم علىأنّهم من الأعداء و الاستيلاء علىأموالهم، إذ تقول الآية:... تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِالدُّنْيا ... «1». و تؤكّد على أنّ النعمالخالدة القيمة هي عند اللّه بقوله: ...فَعِنْدَ اللَّهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ.و تشير الآية أيضا إلى حروب الجاهلية التيكانت تنشب بدوافع مادية مثل السلب و النهبفتقول: ... كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ ...«2» و تضيف- مخاطبة المسلمين- أنّهم في ظلالإسلام و لطف اللّه و كرمه و فضله قد نجوامن ذلك الوضع السيء مؤكّدة أنّ شكر هذهالنعمة الكبيرة يستلزم منهم التحقق والتثبيت1- العرض كلمة على وزن (مرض) و تعني كل شيءزائل لا دوام له، و على هذا الأساس فإن«عرض الحياة الدنيا» معناه رؤوس الأموالالدنيوية التي يكون مصير جميعها إلىالزوال و الفناء لا محالة.2- و قد ورد في تفسير هذه الآية احتمال آخر،هو أنّها تخاطب المسلمين بأنهم كان لهمنفس الحالة عند إسلامهم، أي أنّهم أقروابالإسلام بألسنتهم و قبل منهم إسلامهم، وفي حين لم يكن أحد غير اللّه يعلم بمايخفونه في سرائرهم.