التّفسير
أوضح السّبل لمعرفة اللّه
آيات القرآن الكريم ليست للقراءة والتلاوة فقط، بل نزلت لكي يفهم الناسمقاصدها و يدركوا معانيها، و ما التّلاوةو القراءة إلّا مقدمة لتحقيق هذا الهدف،أي التفكر و التدبر و الفهم، و لهذا جاءالقرآن في الآية الأولى من الآيات الحاضرةيشير إلى عظمة خلق السماوات و الأرض، ويقول: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَ اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ«2».و بهذا يحثّ الناس على التفكر في هذاالخلق البديع و العظيم، ليصيب كلّ واحدمنهم- بقدر استعداده، و قدرته علىالإستيعاب- من هذا البحر العظيم الذي لايدرك له ساحل و لا قعر، و يرتوي من منهلأسرار الخلق العذب.حقّا أنّ هذا الكون العظيم بما فيه مننظام متقن و بديع، و نقوش رائعة، و لوحاتخلابة كتاب بالغ العظمة، كتاب في كلّ حرفمن حروفه، و كل سطر من أسطره دليل ساطع علىوجود اللّه الخالق المبدع و وحدانيته، وتفرّده «3».1- سفينة البحار، مادة نوف، ج 2، ص 622.2- التعبير بأولي الألباب- في هذه الآية وآيات عديدة اخرى في الكتاب العزيز- إشارةلطيفة إلى أرباب العقول، لأن اللب من كلّشيء خيره خالصه، و لا شك أنّ العقل هو خيرما في الإنسان، و هو عصارة وجوده الإنساني.3- لقد بحثنا في المجلد الأوّل من هذاالتّفسير في معنى اختلاف الليل و النهار وأسرارهما عند تفسير الآية 164 من سورةالبقرة فراجع.