التّفسير
امتيازات حقيقية و أخرى زائفة
لقد بيّنت هذه الآية واحدا من أهم أعمدةأو أركان الإسلام، هو أنّ القيمة الوجوديةلأي إنسان و ما يناله من ثواب أو عقاب، لاتمت بصلة إلى دعاوى و أمنيات هذا الإنسانمطلقا، بل أن تلك القيمة ترتبط بشكل وثيقبعمل الإنسان و إيمانه و أنّ هذا مبدأثابت، و سنّة غير قابلة للتغيير، و قانونتتساوى الأمم جميعها أمامه، و لذلك تقولالآية في بدايتها: لَيْسَبِأَمانِيِّكُمْ وَ لا أَمانِيِّ أَهْلِالْكِتابِ ... و تستطرد فتقول: مَنْيَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَ لا يَجِدْلَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَ لانَصِيراً.و كذلك الذين يعلمون الخير، و يتمتعونبالإيمان، سواء أ كانوا من الرجال أوالنساء- فإنّهم يدخلون الجنّة و لا يصيبهمأقل ظلم أبدا، حيث تقول الآية: وَ مَنْيَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍأَوْ أُنْثى وَ هُوَ مُؤْمِنٌفَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَ لايُظْلَمُونَ نَقِيراً «2».و بهذه الصورة يعمد القرآن إلى نبذ كلالعصبيات بكل بساطة، معتبرا الاعتبارات والارتباطات المصطنعة الخيالية والاجتماعية و العرقية و أمثالها خاوية منكل قيمة إذا قيست برسالة دينية، و يعتبرالإيمان بمبادئ الرسالة و العمل بأحكامهاهو الأساس.و في تفسير الآية الأولى من الآيتينالأخيرتين حديث نقلته مصادر الشيعة1- آل عمران، 110.2- لقد أوضحنا المراد من عبارة «نقير» فيتفسير الاية 53 من نفس هذه السورة.