كثيرة من هذه الأحلام، و هذه الأحلام لايمكن تعبيرها عن طريق التّفسير الماديابدا، و انما الطريق الوحيد هو تعبيرفلاسفة الروح و الاعتقاد باستقلال الروح،و من مجموع هذه الأحلام يمكن ان نستفيدمنها كشاهد على استقلال الروح.
2- في الآيات- محل البحث- نلاحظ ان يعقوب-بالاضافة الى تحذيره لولده يوسف من انيقصّ رؤياه على اخوته- فإنّه عبر عن رؤياهبصورة اجماليّة و قال له وَ كَذلِكَيَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَ يُعَلِّمُكَ مِنْتَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَ يُتِمُّنِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَ عَلى آلِيَعْقُوبَ.
و دلالة رؤيا يوسف على انّه سيبلغ فيالمستقبل مقامات كبيرة معنوية و ماديةيمكن دركها تماما ... و لكن يبرز هذاالسؤال، و هو: كيف عرف يعقوب انّ ابنه يوسفسيعلم تأويل الأحاديث في المستقبل؟ اهوخبر أخبره يعقوب ليوسف مصادفة و لا علاقةله بالرؤيا، ام انّه اكتشف ذلك من رؤيايوسف؟
الظاهر ان يعقوب فهم ذلك من رؤيا يوسف، ويمكن ان يكون ذلك عن احد طريقين:
الاوّل: انّ يوسف في حداثة سنّه و قد نقللأبيه- خاصّة- بعيدا عن أعين اخوته (لانّأباه أوصاه ان لا يقصّها على اخوته) و هذاالأمر يدلّ على ان يوسف نفسه كان له احساسخاص برؤياه بحيث لم يقصصها بمحضر الجميع....
و لانّ مثل هذا الاحساس في صبيّ- كيوسفعليه السّلام- يدلّ على انّ له استعداداروحيّا لتعبير الرؤيا، و انّ أباه قد احسّبهذا الاستعداد ... و بالتربية الصحيحةسيكون له في المستقبل حظّ زاهر في هذاالمجال.
الثّاني: انّ ارتباط الأنبياء، بعالمالغيب له عدّة طرق، فمرّة عن طريق«الإلهامات القلبية» و تارة عن طريق «ملكالوحي» و اخرى عن طريق «الرؤيا».
و بالرغم من انّ يوسف لم يكن نبيّا في ذلكالوقت، لكن رؤيته لهذه الرؤيا ذات المعنىالكبير يدلّ على ان سيكون له ارتباط بعالمالغيب في المستقبل،