بقوله: إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ اشارةالى انّ هذه الواقعية لا يعرفها الّاالمؤمنون باللّه و حكمته و فلسفة أوامره.
و نقرا في روايات متعددة في تفسيربَقِيَّتُ اللَّهِ انّ المراد بها وجودالمهدي عجّل اللّه فرجه الشريف، او بعضالائمّة الآخرين، و من هذه الرّوايات ما
نقل عن الامام الباقر عليه السّلام فيكتاب إكمال الدين: «اوّل ما ينطق به القائمعليه السّلام حين يخرج هذه الآيةبَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْكُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ثمّ يقول: انا بقيةاللّه و حجّته و خليفته عليكم، فلا يسلّمعليه مسلم الّا قال: السّلام عليك يا بقيةاللّه في ارضه» «1».
و قد قلنا مرارا انّ آيات القرآن بالرغممن نزولها في موارد خاصّة، الّا انّهاتحمل مفاهيم جامعة و كلية، بحيث يمكن انتكون اثر مصداقا في العصور و القرونالتالية و تنطبق على مجال أوسع ايضا.
صحيح انّ المخاطبين في الآية المتقدمة همقوم شعيب، و المراد من بَقِيَّتُ اللَّهِهو الربح و راس المال الحلال او الثوابالالهي، الّا انّ كل موجود نافع باق من قبلاللّه للبشرية، و يكون أساس سعادتها وخيرها يعدّ «بَقِيَّتُ اللَّهِ» ايضا.
فجميع أنبياء اللّه و رسله المكرمين هم«بَقِيَّتُ اللَّهِ» و جميع القادة الحقّالذين يبقون بعد الجهاد المرير في وجهالأعداء فوجودهم في الامّة يعدّ«بَقِيَّتُ اللَّهِ» و كذلك الجنودالمقاتلون إذا عادوا الى ذويهم من ميدانالقتال بعد انتصاهم على الأعداء فهم«بَقِيَّتُ اللَّهِ» و من هنا فإنّ«المهدي الموعود» عليه السّلام آخر امام وأعظم قائد ثوري بعد النّبي صلّى الله عليهوآله وسلّم من اجلى مصاديق «بَقِيَّتُاللَّهِ» و هو أجدر من سواه بهذا اللقب،خاصّة انّه الوحيد الذي بقي بعد الأنبياءو الائمّة عليهم السّلام.
و في نهاية الآية- محل البحث- نقرا علىلسان شعيب وَ ما أَنَا عَلَيْكُمْبِحَفِيظٍ إذ وظيفته هي البلاغ و ليسمسئولا على «إجبار» احد ابدا.
(1) نقلا عن تفسير الصافي، في شرح المتقدمة.