2- هل انّ اللّه يعفو عن الظالمين؟
قرانا في الآيات المتقدّمة انّ اللّهيعفو و يغفر للذين ظلموا، و هذا الغفرانغير لازم لمن يصرّ على ظلمه، و لكنّه منباب إعطاء الفرصة لهم لان يصلحوا أنفسهم،و الّا فهو تعالى شديد العقاب.و يمكن ان نستفيد من هذه الآية انّ الذنوبالكبيرة- و من جملتها الظلم- قابلة للغفران(و لكن بتحقّق شروطها)، و هو ردّ على قولالمعتزلة بأنّ الذنوب الكبيرة لا يغفرهااللّه ابدا.و على ايّة حال فـ «المغفرة الواسعة» و«العقاب الشديد» في الواقع تجعل كلالمعترفين بوجود اللّه بين «الخوف» و«الرجاء» الذي يعتبر من العوامل المهمّةلتربية الإنسان، فلا ييأس من رحمة اللّهلكثرة الذنوب، و لا يأمن من العذابلقلّتها.و لهذاجاء في الحديث عن الرّسول الأعظم صلّىالله عليه وآله وسلّم «لو لا عفو اللّه وتجاوزه ما هنئ احد العيش، و لولا وعيداللّه و عقابه لاتّكل كلّ واحد» «1».و من هنا يتّضح انّ الذين يقولون- أثناءارتكابهم المعاصي- انّ اللّه كريم، يكذبونفي اتّكالهم على كرم اللّه، فهم في الواقعيستهزءون بعقاب اللّه.
(1) مجمع البيان، المجلد 5 و 6، ص 278- تفسيرالقرطبي، المجلّد السّادس، ص 3514.