قال بعض المفسّرين: انّ هاتين الصفتين(منذر) و (هاد) صفتان للرسول، فأصل الجملةتكون (أنت منذر و هاد لكلّ قوم).و لكن هذا التّفسير خلاف الظاهر، لانّالواو في جملة وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍتفصل بين جملة إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ ولو كانت كلمة «هاد» قبل «لِكُلِّ قَوْمٍ»كان المعنى السّابق صحيحا. و لكن الأمر ليسكذلك.و الشيء الآخر هو انّ هدف الآية بيان انّهناك قسمين من الدعوة الى اللّه:أحدهما ان يكون عمل الداعي هو الإنذارفقط. و الآخر: ان يكون العمل هو الهداية.و سوف تسألون حتما: ما هو وجه التفاوت بين(الإنذار) و (الهداية)؟ نقول في جواب هذاالسؤال: انّ الإنذار للذين اضلّوا الطريقو دعوتهم تكون الى الصراط المستقيم، و لكنالهداية و الاستقامة للذين آمنوا.و في الحقيقة انّ المنذر مثل العلّةالمحدثة، امّا الهادي فبمنزلة العلّةالباقية و هذه هي التي تعبّر عنهابالرّسول و الامام، فالرّسول يقوم بتأسيسالشريعة و الامام يقوم بحفظها و حراستها.(ليس من شكّ انّ الهداية في آيات اخرىمطلقة للرسول، و لكن بقرينة المنذر في هذهالآية نفهم انّ المقصود من الهادي هوالشخص الحافظ و الحامي للشريعة).هناك روايات عديدة تؤكّد ما قلناه سابقا،فقدقال الرّسول الأعظم صلّى الله عليه وآلهوسلّم: «انا المنذر و علي الهادي».و لا بأس ان نشير الى عدّة من هذهالرّوايات:
1- في ذيل هذه الآية
من تفسير الفخر الرازي مرفوعا عن ابنعبّاس قال: وضع رسول اللّه يده على صدرهفقال: «انا المنذر» ثمّ اومأ الى منكب عليعليه السّلام و قال: (أنت الهادي بك يهتديالمهتدون من بعدي)هذه الرّواية ذكرها العلّامة