يشير ظاهر المثالين (الأعمى و البصير) و(الظّلمات و النّور) الى هذه الحقيقة، و هيانّ النظر يحتاج الى شيئين: العينالمبصرة، و شعاع الشمس، بحيث لو انتفىواحد منهما فإنّ الرؤية لا تتحقّق، و الآنيجب ان نفكّر: كيف حال الافراد المحرومينمن البصر و النّور؟ المشركون المصداقالواقعي لهذا، فقلوبهم عمي و محيطهممليء بالكفر و عبادة الأصنام، و لهذاالسبب فهم في تيه و ضياع. و على العكسفالمؤمنون بنظرهم الى الحقّ، و استلهامهممن نور الوحي و ارشادات الأنبياء عرفوامسيرة حياتهم بوضوح.
4- هل انّ خلق اللّه لكلّ شيء دليل علىالجبر؟
استدلّ جمع من اتباع مدرسة الجبر انّ جملةاللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ في الآيةأعلاه لها من السعة بحيث تشمل حتّى عملالافراد، فاللّه خالق اعمالنا و نحن غيرمختارين.يمكن ان نجيب على هذا القول بطريقين:اوّلا: الجمل الاخرى للآية تنفي هذاالكلام، لانّها تلوم المشركين بشكل اكيدفإذا كانت اعمالنا غير اختيارية، فلما ذاهذا التوبيخ؟! و إذا كانت ارادة اللّه اننكون مشركين فلما ذا يلومنا؟! و لماذا يسعىبالأدلّة العقليّة لتغيير مسيرتهم منالضلالة الى الهداية؟ كلّ هذا دليل علىأنّ الناس أحرار في انتخاب طريقهم.ثانيا: انّ الخالقية بالذات من مختصّاتاللّه تعالى. و لا يتنافى مع اختيارنا فيالأفعال، لانّ ما نمتلكه من القدرة والعقل و الشعور، و حتّى الاختيار والحرية، كلّها