2- الطمأنينة و الخوف من اللّه
طرح بعض المفسّرين هنا هذا السؤال، وخلاصته: نحن قرانا في الآية أعلاه أَلابِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّالْقُلُوبُ و من جانب آخر فإنّ الآية 2 منسورة الأنفال تقول: إِنَّمَاالْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَاللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ فهل انّهاتين الآيتين متناقضتين؟الجواب: انّ الطمأنينة المحمودة هي ماكانت في مقابل العوامل المادية التي تقلقالإنسان- كما أشرنا اليه سابقا- و لكنالمؤمنين لا بدّ و ان يكونوا قلقين فيمقابل مسئولياتهم، و بعبارة اخرى: انّالمؤمنين لا يشكون من الاضطراب المدمّرالذي يشكّل غالبية أشكال القلق والاضطرابات، و لكن القلق البنّاء الذييحسّ به الإنسان تجاه مسئولياته اماماللّه فهو المطلوب و لا بدّ منه، و هذا هوالخوف من اللّه «1».3- ما هو ذكر اللّه، و كيف يتمّ؟
«الذكر» كما يقول الراغب في مفرداته: حفظالمعاني و العلوم، و يستعمل الحفظ للبدءبه، بينما الذكر للاستمرار فيه، و يأتي فيمعنى آخر هو ذكر الشيء باللسان او القلب،لذلك قالوا: انّ الذكر نوعين «ذكر القلب» و«ذكر اللسان» و كلّ واحد منها على نوعين:بعد النسيان او بدونه.و على ايّة حال ليس المقصود من الذكر- فيالآية أعلاه- هو ذكره باللسان فقط فنقومبتسبيحه و تهليله و تكبيره، بل المقصود هوالتوجّه القلبي له و ادراك علمه و بأنّهالحاضر و الناظر، و هذا التوجّه هو مبداالحركة و العمل و الجهاد و السعي نحوالخير، و هو سدّ منيع عن الذنوب، فهذا هوالذكر الذي له كلّ هذه الآثار و البركاتكما اشارت اليه عدّة من الرّوايات.(1) و قد أشرنا الى هذه المسألة من تفسيرالأمثل ذيل الآية (2)
من سورة الأنفال.