النَّاسَ جَمِيعاً «1» و هذه اشارة الىانّ اللّه سبحانه و تعالى يستطيع ان يجبرالناس و حتّى المعاندين على ان يؤمنوا،لانّه القادر على كلّ شيء، و لكنّه لايفعل ذلك ابدا، لانّ هذا الايمان الاجباريلا قيمة له و هو فاقد للمعنى و التكاملالذي يحتاجه الإنسان في حياته.
ثمّ تضيف الآية وَ لا يَزالُ الَّذِينَكَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُواقارِعَةٌ و هذه مصائب تنزل عليهم بشكلابتلاءات مختلفة او على شكل هجوم المسلمينعليهم. و هذه المصائب انّ لم تنزل في دارهمفهي أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْلكي يعتبروا بها و يرجعوا الى اللّه جلّ وعلا.
و هذا الإنذار مستمر حَتَّى يَأْتِيَوَعْدُ اللَّهِ.
و هذا الوعد الأخير قد يشير الى الموت، اوالى يوم القيامة، او على قول البعض الى فتحمكّة التي سحقت آخر معقل للعدو.
و على ايّة حال فالوعد الالهي اكيد: إِنَّاللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ.
الآية الاخيرة من هذه المجموعة تخاطبالنّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فتقولله: لست الوحيد من بين الأنبياء تعرّض لطلبالمعاجز الاقتراحية و الاستهزاء منالكفّار، بل وَ لَقَدِ اسْتُهْزِئَبِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ. و لكن لم نعاقبهؤلاء الكفّار فورا، بل فَأَمْلَيْتُلِلَّذِينَ كَفَرُوا لكي يستيقظوا ويعودوا الى طريق الحقّ، او نلقي عليهمالحجّة الكافية على الأقل. لانّ هؤلاء إذاكانوا مذنبين فإنّ لطف اللّه و كرمه وحكمته لا تتأثّر بأفعال هؤلاء.
(1) «ييأس» مأخوذة من مادّة اليأس، و لكنيقول جمهور من المفسّرين: انّها جاءت هنابمعنى العلم، و امّا ما يقوله البعض [طبقالما نقله الفخر الرّازي] ان «يئست» لاتأتي بمعنى «علمت» إطلاقا، و يرى الرّاغبفي مفرداته انّ اليأس هنا هو نفس معناه، ولكن يحتاج لتحقّقه الى العلم بعدم تحقّقالموضوع، و على هذا يكون ثبوت يأسهميتوقّف على علمهم و تكون نتيجته انّ اليأسهنا ليس العلم بالوجود، بل العلم بالعدم،و هو مخالف لمفهوم الآية، و على ذلك فالحقّما قاله جمهور المفسّرين، و ما ذكروه منشواهد في قول العرب على ذلك، و قد ذكرالفخر الرّازي في تفسيره امثلة من هذهالشواهد [دقّقوا النظر].