لمّا كان الحديث في الآيات السابقة عنالمؤمنين الصادقين و الشاكرين لأنعماللّه، عقّبت هذه الآيات في بحث بعض ادعيةو طلبات العبد المجاهد و الشاكر للّهابراهيم عليه السّلام ليكون هذا البحثتكملة للبحث السابق و نموذجا حيّا للذينيريدون ان يستفيدوا من النعم الالهيّةأفضل استفادة.يقول تعالى: وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُرَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَ بَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَالْأَصْنامَ لانّه عليه السّلام كان يعلمحجم البلاء الكبير الكامن في عبادةالأصنام، و يعلم كثرة الذين ذهبوا ضحيّةفي هذا الطريق رَبِّ إِنَّهُنَّأَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ فأيّضلال اكبر من هذا الضلال الذي يفقدالإنسان فيه حتّى عقله و حكمته.الهي انّني ادعو الى توحيدك، و ادعوالجميع الى عبادتك فَمَنْ تَبِعَنِيفَإِنَّهُ مِنِّي وَ مَنْ عَصانِيفَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ.في الحقيقة انّ ابراهيم عليه السّلامأراد بهذه العبارة ان يقول للّه تعالى:انّه حتّى لو انحرف ابنائي عن مسيرةالتوحيد و اتّجهوا الى عبادة الأصنامفإنّهم ليسوا منّي، و لو كان غيرهم فيمسيرة التوحيد فهم ابنائي و إخواني.انّ تعبير ابراهيم المؤدّب و العطوف جديربالملاحظة، فهو لم يقل: و من عصاني فإنّهليس منّي و سأعاقبه عقابا شديدا، بل يقول:وَ مَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌرَحِيمٌ.ثمّ يستمر بدعائه و مناجاته رَبَّناإِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِيبِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَبَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنالِيُقِيمُوا الصَّلاةَ.و كان ذلك عند ما رزقه اللّه إسماعيل منجاريته «هاجر» فأثار ذلك حسد زوجته الاولى«سارة» و لم تستطع تحمّل وجود هاجر وابنها، فطلبت من