«قطران» بفتح القاف و سكون الطاء او بكسرالقاف و سكون الطاء، و هي مادّة تؤخذ منشجرة الأبهل ثمّ تغلى فتثخن و تطلى بهاالإبل عند اصابتها بمرض الجرب، و كانوايعتقدون انّ المرض يزول بسبب وجود الحرقةفي هذه المادّة، و على اي حال فهي مادّةسوداء نتنة و قابلة للاشتغال «1».
فيكون معنى الجملة سَرابِيلُهُمْ مِنْقَطِرانٍ انّهم يلبسون ثيابا من مادّةسوداء و نتنة و قابلة للاشتعال، حيث تمثّلاسوا الالبسة لما كانوا يعملونه في هذهالدنيا من ارتكاب الذنوب و الفواحش. وسوادها يشير إلى أنّ الذنوب تؤدّي إلى انيكون الإنسان مسودّ الوجه امام ربّه، وتعفّنها يشير الى تلوّث المجتمع بهم ومساعدتهم على إشعال نار الفساد، و كأنّالقطران تجسيد لاعمالهم في الدنيا.
وَ تَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ بسببلباسهم الذي هو من قطران، لانّه عنداشتعاله لا يحرق جسمهم فقط، بل يصل لهيبهالى وجوههم. كلّ ذلك لأجل لِيَجْزِيَاللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ.
و من الطريف انّه لم يقل انّ الجزاء بماكسبت أنفسهم، بل يقول: «ما كسبت» ليكونتجسيدا حيّا لاعمالهم، و هذه الآية بهذاالتعبير الخاص دليل آخر على تجسّمالأشياء.
و في الختام يقول تعالى: إِنَّ اللَّهَسَرِيعُ الْحِسابِ و هذا واضح تماما لانّكلّ انسان حسابه معه! و نقرا في بعضالرّوايات: انّ اللّه تعالى يحاسب الخلائقكلّهم في مقدار لمح البصر. و لا ريب انّاللّه تعالى لا يحتاج الى وقت لمحاسبةالافراد، و ما جاء في الرّواية أعلاهاشارة الى اقصر الفترات. (للتوضيح اكثرراجع تفسير الآية 202 من سورة البقرة منتفسيرنا هذا).
(1) يقول فريد وجدي في دائرة المعارف فيمادّة (القطران) مائع ناتج من تقطير الفحمالحجري، و القطران النباتي يتمّ الحصولعليه من بعض الأشجار.