ممّا يلفت النظر أنّه قد ذكرت في الآيات-محلّ البحث- هذه العقوبات المؤلمة للأفرادالذين يسرفون و لا يؤمنون بآيات اللّه.إنّ التعبير بـ «الإسراف» هنا قد يكونإشارة إلى أنّهم قد استعملوا تلك النعم والعطايا الإلهيّة، كالعين و الاذن والعقل، في طرق الشّر، و ليس الإسراف إلّاأن يتلف الإنسان هذه النعم من غير هدف.أو أن يكون إشارة إلى أنّ المذنبين قسمان:قسم لهم ذنوب محدودة، و في قلوبهم خوفاللّه، أي أنّهم لم يقطعوا ارتباطهم وصلتهم باللّه تماما، فإذا ما ظلموا- علىسبيل الفرض- يتيما أو ضريرا فإنّهم لايستبيحون ذلك العمل، بل يعدّون أنفسهممقصّرين أمام اللّه. و لا شكّ أنّ مثل هذاالفرد عاص يستحقّ العقاب، إلّا أنّ بينه وبين من يقترف الذنوب بلا حساب- و لا يعتبرذلك ذنبا، و لا يعترف بمعيار للذنب و عدمه،بل و يفتخر أحيانا بارتكابه المعاصي، أويحتقر الذنب و يستصغره- فرقا شاسعا، لأنّالقسم الأوّل يمكن أن يتوبوا في النهاية ويجبروا ما صدر عنهم من ذنوب، أمّا أولئكالذين يسرفون في الذنوب فلا توبة لهم.
4- ما هو الهبوط؟
«الهبوط» في اللغة بمعنى النّزولالإجباري، كسقوط الصخرة من مرتفع ما، وعند ما تستعمل في حقّ الإنسان فإنّها تعنيالإبعاد و الإنزال عقابا له.و بملاحظة أنّ أدم قد خلق للحياة على وجهالأرض، و كانت الجنّة أيضا بقعة خضراء وفيرة النعمة من هذا العالم، فإنّ هبوط ونزول آدم هنا يعني النّزول المقامي لاالمكاني، أي إنّ اللّه سبحانه قد نزّلمقامه لتركه الأولى، و حرمه من كلّ نعمالجنّة تلك، و ابتلاه بمصائب هذه الدنيا ومتاعبها.و ممّا يستحقّ الالتفات أنّ المخاطب هناقد ذكر بصيغة المثنّى (اهبطا) أي