بحث
هناك بحث بين المفسّرين في أنّه كيف كانتجاوب الجبال و الطير مع داود؟و ما المراد من قوله تعالى: وَ سَخَّرْنامَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ؟! 1-فاحتمل أحيانا أنّ هذا كان صوت داودالرخيم المؤثّر الجذّاب، و الذي كان ينعكسفي الجبال، و كان يجذب الطيور إليه.2- و قالوا حينا آخر: إنّ هذا التسبيح كانتسبيحا مقترنا بالإدراك و الشعور الموجودفي باطن ذرّات العالم، لأنّ كلّ موجوداتالعالم لها نوع من العقل و الشعور حسب هذهالنظرية، و عند ما كانت تسمع صوت داود فيوقت المناجاة و التسبيح كانت تردّد معه، وتمتزج بهمهمة تسبيح منها.3- و قال البعض: إنّ المراد هو التسبيحالتكويني الذي يوجد في موجودات العالمبلسان حالها، لأنّ لكلّ موجود نظاما دقيقاجدّا. و هذا النظام الدقيق يحكي عن طهارة ونزاهة اللّه، و عن أنّ له صفات كمال، وبناء على هذا فإنّ نظام عالم الوجودالعجيب في كلّ زاوية منه تسبيح و حمد، فـ«التسبيح» هو التنزيه عن النقائص، و«الحمد» هو الثناء على صفات الكمال «1».فإنّ قيل: إنّ التسبيح التكويني لا يختّصبالجبال و الطيور، و لا بداود، بل أنّ نغمةهذا التسبيح تنبعث من كلّ الأرجاء والموجودات على الدوام.قالوا في الجواب: صحيح إنّ هذا التسبيحعام، و لكن لا يدركه الجميع، فقد كانت روحداود العظيمة في هذه الحالة منسجمة معباطن و داخل عالم الوجود، و كان يحسن جيداأنّ الجبال و الطير يسبّحن معه.و ليس لدينا دليل قاطع على أي من هذهالتفاسير، و ما نفهمه من ظاهر الآية هو أنّالجبال و الطير كانت تردّد و تتجاوب معداود، و كانت تسبّح اللّه، و في الوقت1- لمزيد الإيضاح راجع تفسير الآية (44) منسورة الإسراء.