بحثان
1- في كيفية السجود العام!
جاء في القرآن المجيد ذكر «السجودالعامّ» لجميع المخلوقات في العالم، و كذا«التسبيح» و «الحمد» و «الصلاة»، و أكّدالقرآن الكريم على أنّ هذه العباداتالأربع، لا تختص بالبشر وحدهم، بل يشاركهمفيها حتّى الموجودات التي تبدو عديمةالشعور. و على الرغم من أنّنا بحثنا فيختام الآية الرّابعة و الأربعين من سورةالإسراء عن حمد الموجودات و تسبيحها بحثامسهبا، و تناولنا سجود المخلوقات العامّللّه في تفسير الآية الخامسة عشرة من سورةالرعد، نجد الإشارة إلى هذا الحمد والتسبيح الكوني العامّ ضرورية.
إنّ للموجودات مع ملاحظة ما ورد في الآية-موضع البحث- شكلين من السجود «سجودتكويني» و «سجود تشريعي».
فالسجود التكويني هو الخضوع و التسليملإرادة اللّه و نواميس الخلق و النظامالمسيطر على هذا العالم دون قيد أو شرط، وهو يشمل ذرّات المخلوقات كلّها، حتّى أنّهيشمل خلايا أدمغة الفراعنة و المنكرينالعنودين و ذرّات أجسامهم فالجميع يسجدونللّه تعالى تكوينا.
و حسبما يقوله عدد من الباحثين، فإنّذرّات العالم كلّها لها نوع من الإدراك والشعور، و لذا يسبّحون اللّه و يحمدونه ويسجدون له و يصلّون له بلسانهم الخاص(شرحنا ذلك في تفسير الآية الرّابعة والأربعين من سورة الإسراء) و إذا رفضنا هذاالنوع من الإدراك و الشعور، فلا مجاللإنكار تسليم الكائنات جميعا للقوانينالحاكمة على نظام الوجود كلّه.
أمّا «السجود التشريعي» فهو غاية الخضوعمن العقلاء المدركين العارفين للّهسبحانه. و هنا يثار سؤال، و هو أنّه إذا كانالسجود العامّ يشمل المخلوقات و جميعالبشر، فلما ذا خصّصته الآية المذكورةأعلاه ببعض البشر لا كلّهم؟