التفسير
خصمان متقابلان!
أشارت الآية السابقة إلى المؤمنين وطوائف مختلفة من الكفّار، و حدّدتهم بستّفئات. أمّا هنا فتقول: هذانِ خَصْمانِاخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ «2» أي أنّالخصام بين مجموعتين، هما: طوائف الكفّارالخمس من جهة، و المؤمنون الحقيقيّون منجهة أخرى. و إذا تفحصنا الأمر وجدنا أساسالخلاف بين الأديان في ذات اللّه تعالى وصفاته، و هو يمتدّ إلى الخلاف في النبوّة والمعاد. لهذا لا ضرورة إلى القول بأنّالناس مختلفين في دين اللّه. إذ أنّ أساسالخلاف و جذوره يعود إلى الخلاف في توحيدهتعالى فقط. فجميع الأديان قد حرّفت، والباطل منها قد اختلط بنوع من الشرك، و بدتدلائله في جميع اعتقادات أصحاب هذهالأديان.ثمّ تبيّن الآية أربعة أنواع من عقابالكافرين المنكرين للّه تعالى بوعي منهم،و العقاب الأوّل حول لباسهم، فتقول الآية:فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْثِيابٌ مِنْ نارٍ و يمكن أن تكون هذهالعبارة إشارة إلى لباسهم الذي أعدّ لهممن قطع من نار، أو كناية عن إحاطة نارجهنّم بهم من كلّ جانب.1- ذكر ذلك الطبرسي في «مجمع البيان» والفخر الرازي في «التّفسير الكبير» والألوسي في «روح المعاني» و السيوطي في«أسباب النّزول» و القرطبي في تفسيره.2- كلمة «خصمان» مثنّى أمّا فعلها«اختصموا» فجاء بصيغة جمع، و السبب يكمنفي أنّ هذين ليسا شخصين، بل فئتين، إضافةإلى كون الفئتين ليس في صفّين و إنّما فيصفوف مختلفة، و تنهض كلّ مجموعة لمبارزةالآخرين.