و النقد الوحيد الذي يمكن أن يوجّه إلىالتّفسير السالف الذكر، هو أنّ الآياتالسابقة، لم تتطرّق إلى الأضاحي، فكيفيعود ضمير الآية اللاحقة إليها؟
و لكن مع ملاحظة كون حيوان الأضاحي منمصاديق «شعائر اللّه» التي أشير إليها فيالآية السابقة، و سيأتي ذكرها أيضا بعدهذا، يتّضح بذلك الجواب عن هذا الاستفسار«1».
و على كلّ حال تذكر الآية في ختامها نهايةمسار الأضحية: ثُمَّ مَحِلُّها إِلَىالْبَيْتِ الْعَتِيقِ.
و على هذا يمكن الاستفادة من الانعامالمخصّصة للأضحية ما دامت في الطريق إلىموضع الذبح، و بعد الوصول يجرى ما يلزم وبالطبع فإنّ المفسّرين يقولون بأنّ الذبحيجب أن يتمّ في منى إن كانت الأضحية تخصّالحجّ. أمّا إذا كانت لعمرة مفردة ففي أرضمكّة. و بما أنّ الآيات المذكورة تبحث فيمراسم الحجّ، فيجب أن يكون للبيت العتيق(الكعبة) مفهوم واسع ليشمل بذلك أطراف مكّة(أي منى) أيضا.
1- ما ذكر أعلاه هو تفسير واضح للآية موضعالبحث، و هنا نذكر تفسيرين آخرين:
الأوّل: إنّ ضمير «فيها» يعود إلى المناسكالحجّ جميعا، و هنا يكون تفسيرها «لكممنافع في جميع مناسك الحجّ حتّى الزمنالمحدّد بانتهاء الحجّ أو نهاية العالم، ومن ثمّ تقع آخر مراسم الحجّ حيث يخلع الحاجإحرامه و يصبح مجاورا للكعبة ليؤدّي طوافيالحجّ و النساء» و بهذا تكون هذه الآيةشبيهة بالآية التي فسّرناها سابقالِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ.
و التّفسير الثّاني: أن يعود ضمير «فيها»إلى الشعائر الإلهيّة كلّها، إضافة إلىالتعاليم الإسلامية العظيمة، و عندهايكون معنى الآية «لكم جزاء جميل و منافعكبيرة في مجموع التعاليم الإسلامية والشعائر الإلهيّة حتّى نهاية العالم، و منثمّ يجزيكم خالق البيت العتيق». إلّا أنّالتّفسير الذي ذكرناه في متن الكتاب أكثرملاءمة و أقرب معنى إلى سائر الآياتالقرآنية و الأحاديث الإسلامية و أكثرانسجاما معها.