4- جبر البيئة خرافة
تبيّن قصّة السّحرة في الآيات المذكورةأنّ القول بأنّ البيئة تملي أو تفرض علىصاحبها مساره في الحياة ليس سوى و هم فارغ،فإنّ الإنسان فاعل مختار، و صاحب إرادةحرّة، فإذا صمّم في أي وقت فإنّه يستطيع أنيغيّر مسيره من الباطل إلى الحقّ، حتّى لوكان كلّ الناس في تلك البيئة غارقين فيالذنوب و الضلال، فالسّحرة الذين كانوالسنين طويلة في ذلك المحيط الملوّثبالشرك، و كانوا يرتكبون بأنفسهم و يعملونالأعمال المتوغّلة في الشرك عند ما صمّمواعلى قبول الحقّ و الثبات عليه بعشق، لميخافوا أي تهديد، و حقّقوا هدفهم، و علىقول المفسّر الكبير العلّامة الطبرسي:(كانوا أوّل النهار كفّارا سحرة، و آخرالنهار شهداء بررة) «2».و من هنا يتّضح- أيضا- مدى ضعف و عدمواقعيّة أساطير الماديين، و خاصةالماركسيين حول نشأة الدين و تكوّنه،فإنّهم اعتبروا أساس كلّ حركة هو العاملالاقتصادي، في حين أنّ الأمر هنا كانبالعكس تماما، لأنّ السّحرة قد حضروا حلبةالصراع نتيجة ضغط أجهزة فرعون من جانب، والإغراءات الاقتصادية من جانب آخر، إلّاأنّ الإيمان باللّه قد محا كلّ هذهالأمور، فقد انهار المال و الجاه الذيوعدهم فرعون به عند أعتاب إيمانهم، ووضعوا أرواحهم العزيزة هديّة لهذا العشق!1- الأعراف، 84.2- مجمع البيان، ج 4، ص 464. ذيل الآية (126) منسورة الأعراف.