على الذين يتّبعون من كان يستمدّ العون منمركز الوحي و قد مليء قلبه نورا و علماإلهيّا. و يرون في هذا العمل تقييد لحريّةالإنسان.
و من ثمّ أنكروا المعاد، الذي كان دوماسدّا منيعا لاتّباع الشهوات و أرباباللّذّات، و قالوا: أَ يَعِدُكُمْأَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَ كُنْتُمْتُراباً وَ عِظاماً أَنَّكُمْمُخْرَجُونَ لتعيشون حياة جديدة هَيْهاتَهَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ فقد تسائلالكفّار: هل يمكن البعث و الناس قد أصبحواترابا و تبعثرت ذرّاتهم هنا و هناك؟ إنّذلك مستحيل!! و بهذا الكلام ازدادوا إصراراعلى إنكار المعاد قائلين: إنّنا نشاهدباستمرار موت مجموعة و ولادة مجموعة أخرىلتحلّ محلّهم، و لا حياة بعد الموت إِنْهِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُوَ نَحْيا وَ ما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ.
و أخيرا لخصّوا التهم التي وجّهوها إلىنبيّهم فقالوا: إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌافْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً وَ مانَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ فلا رسالةإلهيّة، و لا بعث، و لا برنامج سماوي، وعليه لا يتسنّى لعاقل الإيمان به.
و عند ما طغى عناد الكفّار، و زالت آخرقطرة من الحياء منهم، فتجاسروا على اللّه،و أنكروا رسالته إليهم، و أنكروا معاجزأنبيائه بكلّ صلافة، و قد أتمّ اللّهحجّته عليهم، عندها توجّه هذا النّبيالكبير إلى اللّه سبحانه و تعالى و قالَرَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ ربّاه:انصرني فقد هتكوا الحرمات، و اتّهموني بماشاؤوا و كذّبوا دعوتي.
فأجابه اللّه عزّ و جلّ كما ذكرت الآيةقالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّنادِمِينَ ألا إنّهم سيندمون يوم لا ينفعالندم.
و هكذا جرى فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُبِالْحَقِّ حيث نزلت عليهم صاعقة الموتبرعبها الهائل و دمارها الماحق، و قلبتمساكنهم و نثرتها حطاما، و كانت سريعةخاطفة إلى درجة لم تسمح لهم بالفرار،فدفنوا في منازلهم كما بيّنت الآية