ملاحظة
عقيدة المشركين في المعاد
لم يكن للمشركين بعامة- و مشركي العرببخاصة- مسلك متحد في مسائلهم العقائدية،بل إنّهم كانوا متفاوتين فيما بينهم معأنّهم يشتركون في الأصل في عقيدة الشرك.فبعضهم لم يكن يعترف باللّه و لا بالمعاد،و هم الذين يتحدث القرآن عنهم بأنّهمكانوا يقولون: ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَاالدُّنْيا نَمُوتُ وَ نَحْيا وَ مايُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ «1» و بعضهمالآخر كانوا يعتقدون باللّه عزّ و جلّ، ويعتقدون أيضا أنّ الأصنام شفعاؤهم عنداللّه، إلّا أنّهم كانوا ينكرون المعاد، وهم الذين كانوا يقولون: مَنْ يُحْيِالْعِظامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ «2»، فأولئككانوا يحجون إلى الأصنام، و يقدمونالقرابين لها، و كانوا يعتقدون بالحلال والحرام، و كان أكثر مشركي العرب من هذهالفئة.لكن هناك شواهد تدل على أنّ هؤلاء كانوايعتقدون ببقاء الروح بشكل ما، سواء علىهيئة التناسخ و انتقال الأرواح إلىالأبدان جديدة أم بشكل آخر «3».و اعتقادهم بطير اسمه (هامة) معروف، فقدورد في قصص العرب أنّه كان من بين العرب منيعتقد بأنّ روح الإنسان طائر انبسط فيجسمه، و عند ما يرحل الإنسان عن هذه الدنياأو يقتل، يخرج هذا الطائر من جسمه و يدورحول جسده بصورة مرعبة، و ينوح عند قبره. و كانوا يعتقدون- أيضا- أنّ هذا الطائريكون صغيرا في البداية ثمّ يكبر حتى يصبحبحجم البوم، و هو يعيش دائما في خوف واضطراب، و يسكن الديار الخالية، والخرائب، و القبور و مصارع القتلى!1- الجاثية، الآية 24.2- سورة يس، الآية 78.3- شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديدالمعتزلي، المجلد 1، صفحة 117.