بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
لقد كانت قصة قوم عاد تحذيرا لمشركي مكّةفي الحقيقة، و قصة إيمان طائفة من الجنتحذيرا آخر.تقول الآية أوّلا: وَ إِذْ صَرَفْناإِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّيَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ.إنّ التعبير بـ (صرفنا)- من مادة صرف، يعنينقل الشيء و تبديله من حالة إلى اخرى- ولعله إشارة إلى أنّ الجن كانوا يصغون إلىأخبار السماء عن طريق استراق السمع، و معظهور نبيّ الإسلام صلّى الله عليه وآلهوسلّم رجعوا إليه و اتّجهوا نحو القرآن.و «النفر» كما يقول الراغب في مفرداته-عدّة رجال يمكنهم النفر، و المشهور بينأرباب اللغة أنّه الجماعة من الثلاثة إلىالعشرة، و أوصلها البعض إلى الأربعين. ثمّ تضيف الآية: فَلَمَّا حَضَرُوهُقالُوا أَنْصِتُوا و ذلك حينما كان النّبيصلّى الله عليه وآله وسلّم يتلو آياتالقرآن في جوف الليل، أو في صلاة الصبح.«انصتوا» من مادة إنصات، و هو السكوت معالاستماع و الانتباه.و أخيرا أضاء نور الإيمان قلوب هؤلاء،فلمسوا في أعماقهم كون آيات القرآن حقا، ولذلك: فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلىقَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ و هذا دأبالمؤمنين دائما، في أن يطلعوا الآخرين علىالحقائق التي اطلعوا عليها، و يدلوهم علىمصادر إيمانهم و منابعه الفياضة. و تبيّن الآية التالية كيفية دعوة هؤلاءقومهم عند عودتهم إليهم، تلك الدعوةالمتناسقة الدقيقة، الوجيزة و العميقةالمعنى: قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّاسَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِمُوسى.و من صفاته أنّا رأيناه يصدق الكتبالسماوية السالفة و يتطابق معها فيمحتواها، و فيه العلائم الواردة في تلكالكتب: مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ«1». و صفته الأخرى أنّه: يَهْدِي إِلَىالْحَقِّ بحيث أنّ كلّ من يستند إلى عقله وفطرته يرى آيات حقانيته واضحة جلية. 1- لقد أوردنا تفسير هذه الجملة مفصلا فيذيل الآية 41 من سورة البقرة.