3- أحكام أسرى الحرب
قلنا: يجب على المسلمين أن لا يفكروا فيأسر أفراد العدو إلّا بعد هزيمة العدوالكاملة و اندحاره التام، لأنّ هذاالتفكير و الانشغال بالأسرى قد يتضمّنأخطارا جسيمة.غير أنّ أسلوب الآيات- مورد البحث- يدل علىوجوب الإقدام على أسر أفراد العدو بعدهزيمته، فالآية تقول: فَإِذا لَقِيتُمُالَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِثمّ تضيف: حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْفَشُدُّوا الْوَثاقَ و على هذا يجب أسرهمبدل قتلهم بعد الإنتصار عليهم، و هو أمر لابدّ منه، لأنّ العدو إذا ترك و شأنه فمنالممكن أن ينظم قواه مرّة أخرى ليهجم علىالمسلمين من جديد.إلّا أنّ الحال يختلف بعد الأسر، إذ يكونالأسير أمانة إلهية بيد المسلمين رغم كلّالجرائم التي ارتكبها، و يجب أن تراعى فيهحقوق كثيرة.إنّ القرآن يمجد أولئك الذين آثرواالأسير على أنفسهم، و قدّموا له طعامهم،فيقول: وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلىحُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَأَسِيراً و هذه الآية- طبقا لرواية معروفة-نزلت في علي و فاطمة و الحسن و الحسينعليهم السّلام، إذ كانوا صائمين و أعطواإفطارهم لمسكين مرّة و ليتيم أخرى، لأسيرثالثة.و حتى الأسرى الذين يقتلون بعد الحرباستثناء، إمّا لكونهم خطرين، أولارتكابهم جرائم خاصّة، فإنّ الإسلام أمرأن يحسن إليهم قبل تنفيذ الحكم بحقّهم،كما نرى ذلك في حديث عن علي عليه السّلام: «إطعامالأسير و الإحسان إليه حق واجب، و إنّقتلته من الغد» «1».1- وسائل الشيعة، المجلد 11، صفحة 69.