أمّا «تبيّن الهدى»، فقد كان عن طريقالمعجزات بالنسبة إلى مشركي مكّة، و عنطريق الكتب السماوية بالنسبة إلى أهلالكتاب.و «إحباط أعمالهم» إمّا أن يكون إشارة إلىأعمال الخير التي قد يقومون بها أحياناكإقراء الضيف، و الإنفاق، و معونة ابنالسبيل، أو أن يكون إشارة إلى عدم تأثيرخطط هؤلاء و مؤامراتهم ضد الإسلام. و على أية حال، فقد كان هؤلاء الجماعةمتّصفين بثلاث صفات: الكفر، و الصد عن سبيلاللّه، و العداء للنبي صلّى الله عليهوآله وسلّم ، إذ كانت إحداها تتعلق باللّهسبحانه، و الأخرى بعباد اللّه، و الثالثةبرسول اللّه صلّى الله عليه وآله وسلّم .و بعد أن تبيّن حال المنافقين، و الخطوطالعامة لأوضاعهم، وجّهت الآية التاليةالخطاب إلى المؤمنين مبيّنة خطهم و حالهم،فقالت: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواأَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُواالرَّسُولَ وَ لا تُبْطِلُواأَعْمالَكُمْ. في الواقع، إنّ أسلوب حياة المؤمنين وبرنامجهم يقع في الطرف المقابل للكفار والمنافقين في كلّ شيء، فهؤلاء يعصون أمراللّه سبحانه، و أولئك يطيعونه، هؤلاءيعادون النبي، و أولئك يطيعون أمر هوهؤلاء تحبط أعمالهم لكفرهم و ريائهم ومنّتهم، أمّا أولئك فإنّ أعمالهم محفوظةعند اللّه سبحانه و سيثابون عليها،لاجتنابهم هذه الأمور.و على كلّ حال، فإنّ أسلوب الآية يوحيبأنّ من بين المؤمنين أفرادا كانوا قدقصروا في طاعة اللّه و رسوله و في حفظأعمالهم عن التلوث بالباطل، و لذلك فإنّاللّه سبحانه يحذّرهم في هذه الآية. و الشاهد لهذا الكلام سبب النّزول الذيذكره البعض لهذه الآية، و هو: إنّ «بنيأسد» كانوا قد أسلموا و أتوا رسول اللّهصلّى الله عليه وآله وسلّم فقالوا: إنّنانؤثرك على أنفسنا، و نحن و أهلونا رهنإشارتك و أمرك. غير أنّ أسلوبهم في الكلامكانت تلوح منه المنّة،