التّفسير
المؤمنون أخوة
يقول القرآن هنا قولا هو بمثابة القانونالكلّي العام لكلّ زمان و مكان: وَ إِنْطائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَاقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما«2».و صحيح أنّ كلمة «اقتتلوا» مشتقّة من مادةالقتال و معناها الحرب، إلّا أنّها كماتشهد بذلك القرآن تشمل كلّ أنواع النزاع وإن لم يصل إلى مرحلة القتال و المواجهة«العسكرية» و يؤيّد هذا المعنى أيضا بعضما نقل في شأن نزول الآية ... بل يمكن القول: إنّه لو توفّرت مقدّماتالنزاع كالمشاجرات اللفظية مثلا التيتجرّ إلى المنازعات الدامية فإنّه ينبغي وطبقا لمنطوق الآية أن يسعى إلى الإصلاحبين المتنازعين، لأنّه يمكن أن يستفاد هذاالمعنى من الآية المتقدّمة عن طريق إلغاءالخصوصية.و على كلّ حال، فإنّ من واجب جميعالمسلمين أن يصلحوا بين المتنازعين منهملئلّا تسيل الدماء و أن يعرفوا مسئوليتهمفي هذا المجال، فلا يكونوا متفرّجين كبعضالجهلة الذين يمرّون بهذه الأمور دوناكتراث و تأثّر! فهذه هي وظيفة المؤمنينالأولى عند مواجهة أمثال هذه الأمور. ثمّ يبيّن القرآن الوظيفة الثانية علىالنحو التالي: فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُماعَلَى الْأُخْرى و لم تستسلم لاقتراحالصلح فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىتَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ.1- تفسير القرطبي، ج 9، ص 6136.2- مع أنّ كلمة (طائفتان) مثنى طائفة، إلّاأنّ فعلها جاء بصيغة الجمع اقتتلوا لأنّكلّ طائفة مؤلفة من مجموعة من الأفراد.