التّفسير
الوليد بن المغيرة ... الثري المغرور
تواصل هذه الآيات إنذار الكفّار والمشركين كما في الآيات السابقة مع فارق،و هو أنّ الآيات السابقة كانت تنذرالكافرين بشكل عام، و هذه تنذر أفرادامعينين بتعابير قوية و بليغة بأشدّالإنذارات، فيقول تعالى: ذَرْنِي وَ مَنْخَلَقْتُ وَحِيداً و الآيات الآتية نزلتفي الوليد بن المغيرة كما قلنا، و هو منأقطاب قريش المشهورين و (وحيدا) يمكن أنيكون وصفا للخالق جلّ شأنه، و يمكن أن يكونللمخلوق، و هناك احتمالان للمعنى الأوّلللوحيد. الأوّل: ذرني وحيدا مع هذا الكافر لاعذّبهعذابا شديدا.و الآخر: دعني و من خلقته حال كوني وحيدالا يشاركني في خلقه أحد، ثمّ دبّرت أمرهأحسن التدبير، و لا تحلّ بيني و بينه لكونهمنكرا لنعمائي. و أمّا المعنى الثّاني فهناك احتمالاتأيضا، فقد يكون المعنى: دعني و من خلقتهحال كونه وحيدا في بطن امّه و عند ولادتهلا أموال عنده و لا أولاد، ثمّ وهبته مننعمائي. أو أنّه سمّي نفسه بذلك كما في المقولةالمشهورة: «أنا الوحيد ابن الوحيد، ليس ليفي العرب نظير، و لا لأبي نظير «1»»! و ذكرالمعنى في الآية استهزاء بقوله و أحسنالوجوه الأربعة أوّلها. ثمّ يضيف تعالى: وَ جَعَلْتُ لَهُ مالًامَمْدُوداً. «الممدود»: يعني في الأصل المبسوط، و يشيرإلى كثرة أمواله و حجمها.
و قيل: إنّ أمواله بلغت حدّا من الكثرةبحيث ملك الإبل و الخيول و الأراضيالشاسعة ما بين مكّة و الطائف، و قيل إنّهيملك ضياع و مزارع دائمة الحصاد، و له
1- تفسير ذيل الآيات المذكورة للفخرالرازي، و الكشاف و المراغي و القرطبي، ويستفاد من بين الرّوايات الواردة في معنىالوحيد أنّه ولد الزنا الذي ليس له أب، ولا قرينة للرّواية في تفسير الآية و ليسلمعنى الرواية تناسب مع الآية.