و نلاحظ في حديث عن الإمام الباقر عليه السّلامأنّه قال: «إذا فرض على نفسه شيئا منالنوافل دام عليه» «1». و ورد في حديث عنه عليه السّلام أنّه قال:«هذه الآية تعني النافلة، آية وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْيُحافِظُونَ (و التي تأتي فيما بعد) تعنيصلاة الفريضة». و تجوز هذه المراعاة هنا، إذ أنّ التعبيربالمحافظة هو ما يناسب الصلاة الواجبة والتي يجب المحافظة على أوقاتها المعينة، وأمّا التعبير بالمداومة فهو ما يناسبالصلاة المستحبة و ذلك بأنّ الإنسان يمكنهالإتيان بها أحيانا و تركها أحيانا أخرى. على كل حال بعد توضيح أهميّة الصلاة وأنّها من أهم الأعمال و من أهم أوصافالمؤمنين تنتقل الآيات إلى ذكر الصفةالثّانية فيضيف تعالى: وَ الَّذِينَ فِيأَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌلِلسَّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ. و بهذا سوف يحافظون على ارتباطهم بالخالقمن جهة، و علاقتهم بخلق اللّه من جهة اخرى. و يعتقد بعض المفسّرين أنّ المراد هنا من«حقّ المعلوم» هو الزّكاة المفروضة التيفيها المقدار المعين، و موارد صرف ذلكالمقدار هو السائل و المحروم، و لكن هذهالسورة مكّية و حكم الزّكاة لم يكن قد نزلفي مكّة، و لو فرض نزوله لم يكن هناك تعيّنللمقدار، و لذا يعتقد البعض أنّ المراد منحقّ المعلوم هو شيء غير الزّكاة و الذييجب على الإنسان منحه للمحتاجين، والشّاهد على هذا ما نقل عن الإمام الصّادق عليه السّلام عندما سئل عن تفسير هذه الآية و هل هذا شيءغير الزّكاة فقال عليه السّلام: «هو الرجليؤتيه اللّه الثروة من المال، فيخرج منهالألف و الألفين و الثلاثة و آلاف و الأقلو الأكثر، فيصل به رحمه، و يحمل به الكلّعن قومه» «2». و الفرق بين «السائل» و «المحروم» هو أنّالسائل يفصح عن حاجته و يسأل، 1- نور الثقلين، ج 5، ص 415. 2- نور الثقلين، ج 5، ص 417، حديث 25- 27.