و الآية في واقعها جواب لما ذكر من قولهمفي الآيات السابقة: أَ إِنَّالَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ- أي هليمكن أن نعود إلى حالتنا الاولى- فكلّإنسان و مهما بلغت مداركه و مشاعره منمستوى، ليعلم أنّ خلق السماء و ما يسبحفيها من نجوم و كواكب و مجرّات، لهو أعقد وأعظم من خلق الإنسان ... و إذا فمن له القدرةعلى خلق السماء و ما فيها من حقائق، أ يعقلأن يكون عاجزا عن إعادة الحياة مرّة اخرىإلى الناس؟! و يضيف القرآن في بيان خلقالسماء، فيقول شارحا بتفصيل: رَفَعَسَمْكَها فَسَوَّاها. «سمك»:- على وزن سقف- لغة: بمعنى الارتفاع،و جيئت بمعنى (السقف) أيضا، و على قول الفخرالرازي في تفسيره: إنّ الشيء المرتفع لوقيس ارتفاعه من الأعلى إلى الأسفلفالنتيجة تسمّى (عمق)، أمّا لو قيسالارتفاع من الأسفل إلى الأعلى فهو (سمك)«2». «سواها»: من (التسوية)، بمعنى التنظيم، وهي تشير إلى دقّة التنظيم الحاكمة علىالأجرام السماوية، و إذا اعتبرنا «سمكها»بمعنى «سقفها»، فهي إشارة إلى الغلافالجوي الذي حفّ و أحاط بالكرة الأرضيةكالسقف المحكم البناء، و الذي يحفظها منشدّة آثار الأحجار السماوية، و الشهب، والأشعة الكونية و المميتة و المتساقطةعليها باستمرار.
و قيل: إنّ «سواها» إشارة إلى كرويةالسماء و إحاطتها بالأرض، حيث أنّ التسويةهنا تعني تساوي الفاصلة بين أجزاء هذاالسقف نسبة إلى المركز الأصلي (الأرض)، ولا يتحقق ذلك من دون كروية الأرض و ماحولها (السماء). 1- في الآية حذف، و التقدير: (أم السماءأشدّ خلقا). و «بناها»: جملة استئنافية، وهي مقدّمة للآيات التالية. 2- تفسير الفخر الرازي، ج 31، الآيةالمبحوثة.