4- و إذا ما أعطت السورة كلّ هذه الأهميةلغذاء البدن، فهي تدفع الإنسان للتحري عنسلامة غذاءه الروحي، لأنّ فعل التعليماتالمنحرفة و التوجيهات الفاسدة الباطلةكفعل الغذاء المسموم، فهي تنخر في البناءالروحي و تعرض حياة الإنسان للخطر.
و ممّا يحزّ في نفوس المؤمنين أن يرواقسما من الناس و قد تكالبوا على غذاء البدنبكلّ دقة و اعتناء، و أهملوا الغذاءالروحي فترى (مثلا) من يقرأ أيّ كتاب و إنكان فاسد و مفسّد، و يستمع لأيّ حديث و إنكان ضالا مضلا، دون أن يضع لتوجيهاته أيّضابط بقيد أو شرط! و قد جسّد أمير المؤمنينعليه السّلام هذا المعنى بقوله: «ما لي أرى الناس إذا قرب إليهمالطعام ليلا تكلفوا إنارة المصابيح،ليبصروا ما يدخلون بطونهم، و لا يهتمونبغذاء النفس، بأن ينيروا مصابيح ألبابهمبالعلم، ليسلموا من لواحق الجهالة والذنوب، في اعتقاداتهم و أعمالهم» «1».
و روي شبيه هذا القول عن الإمام الحسنالمجتبى عليه السّلام: «عجبت لمن يتفكر فيمأكوله، كيف لا يتفكر في معقوله، فيجنببطنه ما يؤذيه، و يودع صدره ما يرديه» «2». 5- ثمّ تذكّر السورة بصيحة البعث الرهيبةالتي تضع الإنسان وجها لوجه أمام ما قدّمتيداه من أعمال في الحياة الدنيا ... فعلى الإنسان أن يتفكر في أمر آخرته، وعليه أن يعمل ليكون ضاحك الوجه مستبشرا فيذلك اليوم المحتوم، و أن يجهد بكلّ ماأمكنه للتخلص ممّا يؤدي به لأن يكون عبوساحزينا. اللّهمّ، وفقنا لتربية و تزكية و أنفسنا .. 1- سفينة البحار، ج 2، ص 84. 2- المصدر السابق.