الإنسان لفضل كرمه ... فهل من الحكمة أن يتمرد هذا الموجودالمكرّم على هكذا ربّ رحيم كريم؟! و هليحقّ لعاقل أن يغفل عن ذكر ربّه و لو للحظةواحدة، و لا يطيع أمر مولاه الذي يتضمنسعادته و فوزه؟! و لهذا فقد ورد عن النّبي صلّى الله عليه وآلهوسلّم عند تلاوته للآية المباركة أنّهقال: «غرّه جهله» «1».
و من هنا، يتقرّب لنا هدف الآية، فهي تدعوالإنسان لكسر حاجز غروره و تجاوز حالةالغفلة، و ذلك بالاستناد على مسألةالربوبية و الكرم الإلهي، و ليس كما يحلوللبعض من أن يصور هدف الآية، على أنّهتلقين الإنسان عذره، فيقول: غرّني كرمك! أو كما قيل للفضيل بن عياض:«لو أقامك اللّه و يوم القيامة بين يديه،فقال: ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ،ماذا كنت تقول له؟ قال: أقول: غرّني ستوركالمرخاة» «2». فهذا ما يخالف تماما، لأنّها في صدد كسرحالة غرور الإنسان و إيقاظه من غفلته، وليست في صدد إضافة حجاب آخر على حجبالغفلة! فلا ينبغي لنا أن نذهب بالآية بمايحلو لنا و نوجهها في خلاف ما تهدف إليه!«غرّك»: من (الغرور)، و «الغرّة»: غفلة فياليقظة، و بعبارة اخرى: غفلة في وقت لاينبغي فيه الغفلة، و لما كانت الغفلةأحيانا مصدرا للاستعلاء و الطغيان فقداستعملت (الغرور) بهذه المعاني.
و الغرور): كلّ ما يغرّ الإنسان من مال،جاه، شهوة و شيطان، و قد فسّر الغروربالشيطان، لأنّه أخبث من يقوم بهذا الدورالدنيء في الدّنيا. 1- مجمع البيان، ج 10، ص 449 و الدر المنثور، وروح المعاني، و روح البيان، و القرطبي،عند تفسير الآية المبحوثة. 2- المصدر السابق.