و قد وصفت الآيات المبحوثة هؤلاءالملائكة بأنّهم «كرام»، ليكون الإنسانأكثر دقّة في مراقبة نفسه و أعماله، لأنّالناظر كلّما كان ذا شأن كبير، تحفظالإنسان منه أكثر و أكثر و استحى من فعلالمعاصي أمامه. و علّة ذكر «كاتبين» للتأكيد على إنّهم لايكتفون بالمراقبة و الحفظ دون تسجيل ذلكبدقّة متناهية.
و ذكر: يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ تأكيدآخر على كونهم مطلعين على كلّ الأعمال وبشكل تام، و استنادا إلى اطلاعهم ومعرفتهم يسجلون ما يكتبونه. فالآيات تشير إلى حرية إرادة الإنسان، وتشير إلى كونه مختارا، و إلّا فما قيمةتسجيل الأعمال؟ و هل سيبقى للتحذير والإنذار من معنى؟
و تشير أيضا إلى جدّية و دقّة الحساب والجزاء و الإلهي. و يكفي فهم و استيعاب هذه الإشاراتالبيانية الرّبانية لإنقاذ الإنسان منوقوعه في هاوية المعاصي، و تكفيه الإشاراتعظة ليزكي و يعرف مسئوليته و يعمل بدروه.
بحث
كتبة صحائف الأعمال
لم تكن الآيات المبحوثة الدليل الوحيدعلى وجود المراقبين لأعمال الإنسان، والكاتبين لها بخيرها و شرّها، بل ثمّةآيات كثيرة و روايات عديدة تناولت ذلك ... ومن جملة ما ورد من الأحاديث بهذا الشأن.1- سؤال عبد اللّه بن موسى بن جعفر عليهالسّلام لأبيه عن الملكين .. هل يعلمانبالذنب إذا أراد العبد أن يفعله، أوالحسنة؟
فقال الإمام عليه السّلام: «ريح الكنيف وريح الطيب سواء؟».