مكاشفة اخرى [باطن الغضب]
و كلّ صفة الهيّة (199) و اسم ربّاني كما انلها مظاهر و لوازم ايجادية فلها أيضاغايات و حكم مترتّبة عليها و ثمراتاخرويّة تنبعث عنها. فنقول: حكمة الغضب وباطنه الذي ينسحب عليه حكم الرحمة العامّةو يظهر منه الغاية الوجوديّة في المغضوبعليهم كما قال باطِنُهُ فِيهِالرَّحْمَةُ وَ ظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِالْعَذابُ امور ثلثة: وقاية و تطهير وتكميل اما النوع الأول و هو الوقايةفكصاحب الأكلة إذا ظهرت في عضو و قدّر أنيكون الطبيب والده أو صديقه فإنّه مع فرطمحبته يبادر لقطع العضو المعتلّ لمّا لميكن فيه قابليّة الصلاح و المعالجة فستراهيباشر الإيذاء الظاهر و هو شريك المتاذّىو لا مندوحة لتعذّر الجمع بين العافية وترك القطع لما لم يساعد استعداد العضو علىذلك، و كذا في يد من لسعته الحيّة، والمعاصي بمنزلة الآلام و الآفات الحاصلةلباطن الإنسان من لذع حيّة الهوى و عقاربالشهوات الكامنة الذي سيظهر بصورهاالخاصّة في نشأة القبر و البرزخ و غيرهافافهم ذلك و تذكّر:«ما تردّدت في شيء أنا فاعله كتردّدى فيقبض روح عبدي المؤمن يكره الموت و أكرهمساءته و لا بدّ له من ذلك» «1» و الوالد يظهر الغضب لولده رعاية لمصلحة وهو في ذاته غير غاضب و إنّما يظن الولدوالده مغضبا لما يشاهد من الآثار الدالّةعلى الغضب عادة و الأمر بخلافه في نفسالأمر و إنّما ذلك لقصور نظر الولد قالاللّه تعالى وَ اتَّقُوا النَّارَالَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ [3/ 131]فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَاالنَّاسُ وَ الْحِجارَةُ [2/ 24].ألا ترى إنّ النار قد يتخذ دواء لبعضالأمر في الدنيا فهي وقاية و هو الداء الذيلا يشفى إلّا بالكيّ من النار.فكما جعل اللّه النار وقاية في هذا الموطنمن داء هو أشدّ منها في حقّ المبتلى به1) التوحيد للصدوق (ره): باب ان اللّه لايفعل بعباده الا الأصلح: 398.