و من فضائل هذه السورة إنّها جامعة لكلّما يفتقر إليه الإنسان في معرفة المبدإ والوسط و المعاد:الحمد للّه إشارة إلى إثبات الصانعالمختار العليم الحكيم المستحقّ للحمد والتعظيم.ربّ العالمين يدلّ انّ ذلك الإله واحد وانّ كل العالمين ملكه و ليس في العالم إلهسواه و لهذا جاء في القرآن الاستدلال بخلقالخلائق كثيرا.قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِييُحْيِي وَ يُمِيتُ [2/ 258] الَّذِيخَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ [26/ 78]رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍخَلْقَهُ ثُمَّ هَدى [20/ 50] رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ [26/ 26]اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْوَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ [2/ 21]اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَخَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ [96/ 1].و هذه الحالة كما انّها في نفسها دليل علىوجود الرّب فكذلك هي في نفسها إنعام عظيم،و ذلك لأنّ تولّد الأعضاء المختلفةالطبائع و الصور من النطفة المتشابهةالأجزاء لا يمكن إلا إذا قصد الخالق إيجادتلك الأجزاء على تلك الصور و الطبائع و كلّمنها مطابق للمطلوب موافق للغرض كما يشهدبه علم تشريح الأبدان، فلا أحقّ بالحمد والثناء من هذا المنعم المنّان الكريمالرحمن الرحيم الذي شمل إحسانه و عمّامتنانه قبل الموت و بعد الموت.مالك يوم الدين يدلّ على أنّ من لوازمحكمته و رحمته أن يقدّر بعد هذا اليوم يوماآخر يظهر فيه تمييز المحسن من المسيء وانتقام المظلوم من الظالم و هاهنا تمّت