كشف غطاء [الروح البخاري مثال العماء]
ثم اعلم هداك اللّه طريق المعرفة والشهود، إنّ النفس الناطقة هي المدبرّةبإذن اللّه تدبيرا طبيعيّا أو نفسانيّالهذا البدن الجسماني الذي هو بجميع ما فيهمن القوى و الحواسّ و الأعضاء و الآلات،عالم صغير بمنزلة العالم الكبير بما فيهمن الأفلاك و العناصر و البسائط والمركبات الذي دبّره اللّه تدبيرا إلهيّاو تصرّف فيه برحمته و عنايته.ثمّ إنّ النفس لم تدبّر لهذا البدن و لمتتصرّف في قواه و أعضائه إلّا بعد أن نزلتمن علوّ تجرّدها و سماء تقدّسها و برزت منمكمن ذاتها الروحانيّة و باطن كينونتهاالعقلانيّة إلى عالم الحسّ و التجسّم.فتوسّطت بين غيب هويّتها و مظهر شهادتهافي ألطف ما يوجد من حدود عالم البدن منالبخار اللطيف النفساني المتعلّق بالقلبالصنوبري الشكل المستدير الهيكل المحدّدلجهات البدن من أعلاه و أسفله.فالنفس قبل تعلّقها بالبدن و تصرفّها فيهو تدبيرها لقواه و حواسّه التي هيكالسماوات و أعضائه التي هي كالأرضيّات،نزلت و تجسّمت بخارا لطيفا يتكوّن منهجميع لطائف البدن، و بسببه تقع الأفاعيلالإنسانيّة سيما التكلّم بالحروف والكلمات التي هي أخص أفاعيل النفس الناطقةفي هذه العالم.و هذه اللطيفة البخاريّة التي ينزل فيهاالنفس قبل تصرّفها و فعلها في عالم البدنمثال للعماء الذي جاء في الخبر وصفه بقوله «1»: إنّه كانربّنا قبل أن يخلق الخلق في عماء ما فوقههواء و ما تحته هواء.1) ترمذى: المقدمة، باب فيما أنكرتالجهمية: 1/ 65.