تفريع
فعلى هذا ظهر انّ الصلوة الحقيقيّة هيالتي تليق أن يمدح اللّه بها المؤمنينالمتّقين المهتدين بأنوار معارف هذاالقرآن، و هي التي تنهى عن فحشاء القوّةالشهويّة و منكر القوّة الغضبية و بغيالقوّة الوهمية، و يدفع آفات هذه الثلاثالتي أوليها كالبهائم و وسطاها كالسباع وأخراها كالشياطين.و ذلك لأنها كما علمت، مكالمة عقليّة معاللّه عند مشاهدة قلبيّة له، أو هيالتضرّع بالنفس الناطقة نحو الاله الحقّ والموجود المطلق، و جعلها بمنزلة يد باسطةإليه تعالى.و لأصحاب العلوم الظاهرة من هذا حظّ ناقصو إن ارتفعوا من منزل الأنعام قليلا وارتفعوا من درجة العوام يسيرا و للمحقّقينقسم وافر و نصيب كامل من هذا البحر الزاخر،و لهم قرّة أعين في الصلوة أخفيت عن أعينالناس، و من كان حظّه أكمل، فثوابه أجزل.فالعاقل الحكيم يتامّل سلوك طريق التعبّدو المداومة على الصلوة، و يلتذّ بمناجاةربّه لا بشخصه (266) و ينطقه لا بنطقه و يبصرهلا ببصره و يحسّه لا بحسّه.و أما الجاهل اللئيم المغرور الممكورالمشعوف بما عنده من القشور الطالب فيمناجاته للذّات عالم الزور المتوجّه إلىتحصيل المنزلة و الجاه عند أصحاب القبور،و من آثر الهوى و اتّبع الشيطان و انحرف عنالحقّ و الهدى، حرّم اللّه عليه لذّةمناجاته كماورد في أخبار داود على نبيّنا و عليهالسلام: يا داود إنّ أدنى ما أصنع بالعالمإذا آثر