بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
فما من حيوان إلّا و له قوّة الحسّ أيّ حسّكان، و إن كان مجرد قوّة اللمس، و هذا أنزلمراتب الحيوانات كالدود و الخراطين و آخرمراتب الحيوانيّة يتحقّق فيما له الحواسّالظاهرة و الباطنة جميعا، فإن كان مع ذلكيستعدّ لإدراك المعقولات بالقوّة فهوالواقع في آخر الدرجات الحيوانيّة و أولالنشآت الإنسانية و منازله، فأول منزل منمنازل الإنسان الذي يشارك معه سائرالحيوان، هو نشأة الحسّ و يقال لها الدنياو عالم الشهادة و تقابله الآخرة و عالمالغيب، و هذا العالم هو منزل الأبدان والقوالب الحسيّة و الآخرة منزل النفوس وبعدها منزل الأرواح القدسيّة.و للإنسان أن ينتقل من منزل إلى منزل،فالمحسوسات منزله الأول، و المتخيّلاتمنزله الثاني، و المعقولات منزله الثالث،و هذا الانتقال هو بعينه من قبيلانتقالاته الفكريّة الواقعة له منالمحسوس إلى المتخيّل، و منه إلى المعقول.فالدنيا نشأة الحسّ و عالم الشهادة، والإنسان ما دام كونه في هذه النشأة بحسبالطبع غير مرتق إلى ما ورائها، فهو بعد منجملة البهائم و الدوابّ و الأنعام، و إذاانتقل إلى نيل المتخيّلات و الوهميّاتمقتصرا عليهما فهو من قبيل الجنّ، إذالجنّ و الشياطين إدراكاتها مقصورة علىالمتخيّلات و الموهومات و ليس يفتح لهمباب الملكوت الأعلى.و بعد هذا المنزل يترقّى الإنسان إلىإدراك الأمور التي لا يدخل في حسّ و لاتخيّل و لا وهم فيشاهد الأمور المستقبلةالدائمة، و يكاشف الصور العقليّة و يتهيّألادراك الحقائق الاخرويّة و السرورالأبدية، و يصل إلى السعادة القصوى التيليس وراءها سعادة، و هذا هو آخر درجاتالإنسان و به يتمّ حقيقة الإنسانيّة، لأنّتمام حقيقته هي الروح المنسوبة إلى اللّهتعالى في قوله: وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْرُوحِي [15/ 29].و إذا علمت هذه المقدّمات، فاعلم إنّ معنىالإيقان بالآخرة الذي مدح اللّه به طائفةمن العرفاء و المحقّقين من أهل الايمان،المهتدين بنور اللّه، هو مكاشفة أحوال