فإن قلت: هل لمعنى اسم الجلالة حدّ أم لا؟قلت: الحدّ عند الحكماء قول دالّ على تصورأجزاء الشيء و مقوّماته فما لا جزء له ولا مقوّم لذاته فلا حدّ له و ما لا حدّ لهلا برهان عليه لأنّ الحدّ و البرهانمتشاركان في الحدود كما بيّن في علمالميزان و إذا تقرّر هذا فلا شبهة في أنذات الباري لتقدّسه عن شوائب التركيب أصلاسواء كان من الأجزاء الوجوديّة أوالحمليّة أو غير ذلك- على ما اقتضاه برهانالتوحيد و الأحدية- فلا حدّ له كما لابرهان عليه. و أما انّ مفهوم لفظ اللّه هلله حدّ أم لا؟ فالحقّ هو الأول.لأن معناه الموضوع له معنى مجمل متضمنلمعاني جميع الصفات الكماليّة فكلّ معنىمن معاني أسماء اللّه يكون جزءا لمعنى هذاالاسم عند التفصيل. و قد تقرّر ان الفرقبين الحدّو المحدود ليس إلا بالإجمال والتفصيل و إن التفاوت بين المعنى الإجمالىو المعنى التفصيلي له ليس إلّا بحسبالإدراك و من جهة الملاحظة دون المدرك والملحوظ فإن- الألفاظ المذكورة في حدالشيء يدل على ما دلّ عليه لفظ المحدودبعينه بدلالة تفصيلية.و ليس من شرط الحدّ أن يكون مؤلّفا من جنسو فصل بل من أجزاء الشيء سواء كان بعضها-أعم من بعض مطلقا أو من وجه- أو كانتمتساوية و سواء كانت أجزاء محمولة أومتباينة إلا انّ المشهور إنّ الحدّ لايكون إلا من جنس و فصل لما رأوا انّالطبائع النوعيّة الواقعة تحت إحدىالمقولات العشر المشهور حدودها لا يكونإلّا كذلك.و الحقّ إن كلّ اسم وضع لمعنى واحد جملّيمتألّف من معان متعددة عند التفصيل بالفعلأو بحسب التحليل (11) يدلّ عليها ألفاظمتعددة يكون الأول محدودا و الثاني حدا وهكذا معنى اسم اللّه بالقياس إلى معانيجميع الأسماء الحسنى. فإنّ نسبتها إليهنسبة الحدّ إلى المحدود. إذ التفاوت ليسإلا بنحو الملاحظة مرّة إجمالا و مرّة