تفسير الاستعاذة
أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم قد مرّ فيالمفاتيح «1» تحقيق مهيّة الشّيطان وجنوده و آثاره و مهيّة الملك و أتباعه وأنواره و أمّا الّذي نذكره الآن فهو تفسيرهذا القول و حلّ ألفاظه و شرح معانيهالعقليّة.فالكلام فيه إمّا متعلق بترجمة ألفاظ هذاالقول أو متعلّق بمعانيه العقليّة.أمّا الأول: فاعلم إنّ قولنا «أعوذ» مشتقّمن العوذ و له معنيان: أحدهما الالتجاء والاستجارة. و ثانيهما الالتصاق. يقال: أطيباللحم أعوذه. و هو الملتصق منه بالعظم.فعلى الأوّل معنى أعوذ باللّه: ألتجي إلىرحمته و عصمته. و على الثاني معناه: ألصقنفسي بفضل اللّه و رحمته.و أمّا الشيطان: ففيه قولان: أحدهما إنهمأخوذ من البعد. يقال: شيطن دارك أي بعد فلاجرم سمّي كلّ متمرّد من جنّ أو إنس أودابّة شيطانا، لبعده عن الرشاد و السداد.ذكروا: انّ بعض الخلفاء ركب «2» برذونافطفق يتبختر به فجعل يضر به فلا يزداد إلاتبخترا فنزل فقال: ما حمّلتموني إلا علىشيطان.الثاني إنّه مشتقّ من شاط يشيط: إذا بطل ولمّا كان كل متمرّد كالباطل في نفسه لكونهمبطلا لمصالح نفسه سمّي شيطانا.و أما الرجيم فمعناه المرجوم فهو فعيلبمعنى مفعول. حكى اللّه عن والد إبراهيمعليه السلام إنه قال: لَئِنْ لَمْتَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ [19/6] قيل: عنىبه الرجم بالقول و حكى تعالى عن قوم نوحعليه السلام إنّهم قالوا: لَئِنْ لَمْتَنْتَهِ يا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَالْمَرْجُومِينَ 26/ 116] و في سورة يسلَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوالَنَرْجُمَنَّكُمْ [36/ 18
1) راجع المفتاح الرابع، سيما المشهدالعاشر منه.2) البرذون: دابة الحمل الثقيل و التركي منالخيل.